للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وخَابُور (١)، والخَوَرْنَقَ، والسَّدِيرَ (٢).

ولعل أبا حنيفة أخطأ معنى قوله: "أتين التين" وظنَّ أن النابغة أراد به الإتيانَ إلى بلاده. وإنما هو أراد المرور، فإنّه يصف الرجى الباردة الشمالية التي تُزجي السحبَ الصُّهبَ القليلة الماء التي مرّت بجانب جبل التين، فازدادت به برودةً. والعرب تذكر كثيراً هبوب الريح الباردة من جانب الشمال. وهكذا يذكرون "الجُودِيَّ" بالبرودة. قال أبو صَعْتَرَةَ الْبَولاَنِيُّ، وهو جاهلي (٣):

فما نُطْفَةٌ مِنْ حَبِّ مُزْنٍ تَقَاذَفَتْ ... بِهِ جَنْبَتا الجُودِيِّ واللَّيلُ دامِسُ

فلمّا أَقرَّتْهُ اللِّصابُ تنَفَّسَتْ ... شَمالٌ لأَعْلَى مائِه فَهْوَ قارِسُ (٤)


(١) الخابور: اسم لنهر كبير بين رأس عين والفرات من أرض الجزيرة: وغلب اسمه على منطقة واسعة هناك - وفيه تقول أخت الوليد بن طريف ترثي أخاها:
أيا شَجَرَ الْخابُورِ مالَكَ مُورِقاً ... كَأنَّكَ لَمْ تَجْزَعْ على ابْنِ طَرِيفِ
وقال الرَّبيع بن أبي الحُقَيق اليهودي من بني قُرَيظةَ:
دُورٌ عَفَتْ بِقُرَى الْخَابُورِ غَيَّرَها ... بَعْدَ الأَنِيس سَوافِي الرِّيح وَالْمَطَرُ
انظر البلدان ٢: ٣٣٤.
(٢) أما "الخَوَرنَق" فهو قصر كان بظهر الحيرة، و "السَّدير" قصر قريب من الخورنق، وقيل: نهر. قال الأسود بن يَعْفُر النهشلي من قصيدة له في المفضليات ٢١٧:
مَاذَا أُؤمِّلُ بَعدَ آلِ مُحَرِّقٍ ... تَرَكُوا منازِلَهُم وبعدَ إيَادِ
أهل الخَوَرْنَقِ والسَّدِيرِ وَبارقٍ ... والقَصْر ذي الشُرُفاتِ والسِّنْدَاد
نَزَلُوا بأنْقِرَةٍ يَسيلُ عَلَيْهِمُ ... ماءُ الفُراتِ يَجيءُ مِن أطْوادِ
(٣) من شعراء الحماسة، وبَولان: فرع من طيئ. ولم أجد لهَ ترجمة ولا نصّاً على كونه جاهلياً.
(٤) البيتان من حماسية له في شرح المرزوقي: ١٢٨١، وثالثهما:
بِأطْيَبَ مِنْ فِيهَا وَمَا ذُقْتُ طَعْمَه ... ولكنَّنِي فِيمَا تَرَى الْعَينُ فَارِسُ
والأبيات في اللآلي: ٥٢٢، والبلدان ٢: ١٨٠ والبيت الأول وحده في البلدان ٢: ٢٦٠ والثاني في اللسان (حسن) والأول والثالث في اللسان (جنب). النُطفة: الماء الصافي، حب المزن: البرَد، اللِّصابُ: شقوق الجبل، واحدها: لِصْبٌ.

<<  <   >  >>