للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَعْلاَنَ من شَاط، وأخرى فيعالا من شَطنَ (١). والأول هو الصواب. ويؤيده أنه إذا جُعِل علماً لا ينصرف كما قال ... (٢).

(٦٢) الصبر (٣)

"الصبر" عند العرب ليس من التذلل في شيء، كما يصبر المضطهد العاجز، بل هو أصل القوة والعزم. وكثر في كلام العرب استعماله بهذا المعنى. قال حاتم الطائي:


= قول أمَيَّة بن أبي الصلت يصف سليمان بن داود عليه السلام:
أيُّمَا شَاطِنٌ عَصَاه عَكَاه ... ثم يُلْقَى في السِّجْنِ والأغْلاَلِ
وقال المعري في رسالة الملائكة: ٢٤٧ - ٢٤٨: "هذا البيت ينشد على وجهين: بالسين والشين. فإذا قيل: "شاطن" فهو في معنى الشيطان. وإذا قيل: "ساطن" فهو الذي أعيا خبثا، والمعنى متقارب". عكاه: شدَّه بالوثاق وقيّده.
(١) انظر الكتاب ٣: ٢١٧ - ٢١٨ و٣٢١:٤ وقال في الموضع الأول: "وسألته عن رجل يسمى: دِهْقَان، فقال: إن سميته من التدهقن فهو مصروف. وكذلك: شيطان إن أخذته من التشيطن، فالنون عندنا في مثل هذا من نفس الحرف إذا كان له فعل يثبت فيه النون، وإن جعلت دِهْقان من الدهق، وشيطان من شيَّط لم تصرفه".
قلت: إن العرب قد تشتق من الكلمة وتبقي زوائدها كقولهم: تَمَسْكَنَ وتَمدْرع وتَمَنْدَلَ.
(٢) بياض في الأصل. ويعني المؤلف قول الطفيل الغَنَوي -وهو جاهلي من الفحول- من قصيدة في ديوانه ٤٩:
وَقَدْ مَنَّتِ الْخَنْوَاءُ مَنّاً عَلَيْهِمُ ... وشيطانُ إذ يَدْعوهُمُ وَيُثَوِّبُ
الخذواء: فرسه. وشيطان هذا: شيطانُ بن الحكَم بن جَاهِمَة الغنوي. وجاء غير منصرف. قال ابن برِّي: "وهذا يدل على أن شيطانَ فَعلانُ، ونونه زائدةٌ" انظر اللسان (شطن).
(٣) تفسير سورة العصر: ٨ - ٩، المطبوعة: ٤٨. وقال الغزالي في كتابه جواهر القرآن (٤٨): "وأما الصبر على قضاء الله فيصدر عن الخوف والرهبة ... " فعلّق الفراهي عليه في نسخته: "أخطأ معنى الصبر، إذ جعل منشأه الخوف. والحق أن الصبر: هو الاستقامة مع الضرّ وذلك يكون من الحب، كما يكون من الخوف". وقد تكلم الفراهي كثيراً في كتبه على حقيقة الصبر ومكانته في الدين وصلته بالشكر والصلاة والصوم والتقوى. انظر مثلاً (الصبر والشكر) في هذا الكتاب ص ٢٠٥.

<<  <   >  >>