كتاب مفردات القرآن للفراهي

(٦٣) الصُّحُف (١)

الصحف: جمع صحيفة. وهي الورقة المكتوبة، كما سميت "صحيفة المتلَمِّس" (٢) و "صحيفة الجَور" (٣). ولعل الكلمة مقلوبة من الصفيحة (٤): لكل

(١) تفسير سورة عبس: ١٣، والمطبوعة: ٥٠.
(٢) وقصته أن طرفة بن العبد وخاله المتلمس كانا ينادمان عمرو بن هند ملك الحيرة، فبلغه أنهما هجواه، فكتب لهما إلى عامله بالبحرين كتابين أوهمهما أنه أمر لهما فيهما بجوائز، وقد كان أمره بقتلهما، فدفع المتلمس رسالته في الطريق إلى غلام ليقرأها، فإذا فيها أمر بقتله. فقذفها المتلمس في نهر الحيرة. وأشار على طرفة أيضاً بذلك، ولكن لم يرض به، فنجا المتلمس، وتوجه طرفة إلى البحرين، فقتله عاملها المكَعبِر. فقال المتلمس مِن قصيدة في ديوانه (١٧٧ - ١٧٨):
مَن مبلغ الشعراء عن أخويهمُ ... خبراً فتصدقَهم بذاك الأنفسُ
أودَى الذي علِقَ الصحيفةَ منهما ... ونجا حِذارَ حِبائه المتلمّسُ
ألقى صحيفته ونجّتْ كورَه ... عَنْسٌ مُداخِلةُ الفقارة عِرمِسُ
ومنها (١٨٦):
ألقِ الصحيفةَ لا أبالك إنّه ... يُخشى عليك من الحِباء النِقرِسُ
عِرمِس: شبهها بالصخرة. النقرس: الداهية، الهلاك. وقال الفرزدق فيها:
ألقِ الصحيفةَ يا فرزدقُ لا تكن ... نكداءَ مثل صحيفة المتلمّس
انظر في صحيفة المتلمس: الفاخر: ٧٣ - ٧٦، ثمار القلوب:٢١٦ - ٢١٨، المرتضى ١: ١٨٣ - ١٨٥، الميداني ٢: ٢٢٤ - ٢٢٨. والمصادر المذكورة في ترجمة المتلمس. وقال طرفة:
أبا منذرٍ كانت غروراً صحيفتي ... فلم أعطكم في الطَّوع مالي ولا عِرضي
(٣) هي الصحيفة الظالمة التي كتبها قريش لمقاطعة بني هاشم. انظر تفسير سورة اللهب للمؤلف: ٤ وكتب السيرة، نحو سيرة ابن هشام ١: ٣٥٠، ٣٧٤.
(٤) والمادتان كلتاهما تدل على عرض وانبساط. انظر المقاييس ٣: ٢٩٣، ٣٣٤. والجدير بالذكر أن الفعل (صحف) شائع الاستعمال في الحبشية -وهي من أخوات العربية- بمعنى الكتابة. انظر جيفري: ١٩٣، والمعجم الحبشي- العربي في كتاب "في قواعد الساميات": ٣٣٢.