للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في القرآن: {وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ} (١).

ثم إذا تأملت في مواقع هذا القول، عَلِمت أن المراد هو المعنى الثاني. فإنّ النبي -والقرآنَ- جاء كما أخبرت به التوراة، فجعلها صادقة. فإن كذَّبوا القرآن والنبي يكن ذلك تكذيباً لكتبهم.

وهذا أيضاً يظهر إذا تأملت أن محمداً وعيسى عليهما الصلوات يأتيان (٢) بهذا القول مُسْتدلَّينِ بصحة نبوتهما. فأيّ استدلال في أنهما يشهدان بصدق ما عند اليهود؟ أرأيت (٣) إن تنبأ أحد في هذا اليوم، وقال: إني آمنت بالأنبياء، وأنا نبيّ مثلهم، فهل يكون هذا حجةً على دعواه؟.

أما موقع الآية، فقال تعالى:

(١) (٤) {وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} (٥).


= ١: ٢٦٠، واللآلي: ٥٨٠ ومن الحيوان واللآلي في الخزانة ٦: ٤٣٤. وأورد ابن قتيبة أبياتاً منها في الشعراء: ٤٢٩ معزوة إلى أبي الغول النهشلي.
في الأصل: (صدّق) سهو، وما أثبتناه من المطبوعة. ووواية المرزوقي والقالي: صدّقوا. ومن شواهد معنى التصديق هذا قول ساعدة بن جُوَيّة الهذلي من قصيدة في أشعار الهذلين ١١١٨:
فَحَبَتْ كَتيبَتُهم وصَدَّقَ رَوْعَهُم ... مِنْ كُلِّ فَجٍّ غَارَةٌ لا تَكذِبُ
حَبَتْ: أي تهيأت للقتال وعطفت.
وقد مضى قول قَيس بن عَيزارة الهذلي في ص ٢١٨ (الضريع):
وإذا جَبانُ القومِ صدَّق نفرَه ... حَبضُ القِسِيِّ وَضَرْبةٌ أخدودُ
سبأ، الآية:٢٠.
(١) سورة سبأ، الآية: ٢٠.
(٢) في الأصل والمطبوعة: يأتون، مستدلاً، أنهم يشهدون.
(٣) "أرأيت" سقط من المطبوعة.
(٤) هذا الرقم في الأصل فوق "الآية" في السطر السابق.
(٥) سورة البقرة، الآية: ١٠١.

<<  <   >  >>