للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رابعًا: لم ينفرد ابن تيمية بهذا القول كما يظن البعض وكما زعم المفتي، فهذا الرأي اختاره جماعة من العلماء كالقاضي عياض المالكي، والإمام الجويني والقاضي حسين من الشافعية، فقالوا: «يحرم شد الرحل لغير المساجد الثلاثة كقبور الصالحين والمواضع الفاضلة» (١).

وقد قال بقوله ابن عقيل شيخ الحنابلة في وقته، كما ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية عنه، وذكر ذلك عنه أيضًا ابن قدامة أحد علماء الحنابلة حيث قال: «فإن سافر لزيارة القبور والمشاهد فقال ابن عقيل: «لا يباح له الترخص لأنه مَنْهِيٌّ عن السفر إليها؛ قال النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -: «لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إلَّا إلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ (متفق عليه) (٢).

ونسب الشيخ محمد أنور شاه الكشميري (٣) - أحد كبار فقهاء الحنفية في وقته - رحمه الله - رأْيَ ابنِ تيمية إلى أربعة من المتقدمين منهم أحد أئمة الشافعية في زمانه، وهو الجويني والد إمام الحرمين.

قال الكشميري: «اختار ابن تيمية أن السفر لزيارة قبر النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - المبارك غير جائز، بل يريد السفر إلى المسجد النبوي، ثم إذا بلغ المدينة يُستَحَبُّ له زيارة القبر المبارك، وقال باستحباب زيارة القبور الملحقة للمكان لثبوت


(١) فيض القدير شرح الجامع الصغير للمناوي (٦/ ٥٢٤).
(٢) انظر: المغني (٢/ ١٠٠).
(٣) محمد أنور شاه الكشميري: أحد كبار فقهاء الحنفية وأساطين مذهبهم تخرج في جامعة ديوبندي وولي التدريس في المدرسة الأمينية بدلهي، ثم شغل مشيخة الحديث في جامعة ديوبند، وله مؤلفات عديدة. وكان أحد الذين كان لهم دورٌ هامٌّ في القضاء على فتنة القاديانية في شبه القارة الهندية. توفي عام ١٣٥٢هـ. (انظر: الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة (١/ ٣٠٦).

<<  <   >  >>