للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والجواب:

١ - أنَّ زِيَارَة َمَسْجِدِ قباءَ لأَهْل ِ المدِيْنةِ، خَالِيَة ٌ مِنْ شَدِّ الرِّحَال ِ (أي السفر) لِقُرْبه. وَهِيَ مُسْتَحَبَّة ٌ مَسْنُوْنة ٌ لهمْ، اقتِدَاءً بفِعْل ِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وآله وسلم -، وَقدْ كانَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وآله وسلم - يَأْتِيْهِ -لِقُرْبهِ- مَاشِيًا وَرَاكِبًا.

بَلْ قالَ أَنسُ بْنُ مَالِكٍ - رضي الله عنه -: «كنّا نصَلي العَصْرَ، ثمَّ يَذْهَبُ الذّاهِبُ مِنّا إلىَ قباءَ، فيَأْتِيْهمْ وَالشَّمْسُ مُرْتفِعَة ٌ» (رَوَاهُ البُخارِيُّ).

وَمَحَلُّ النِّزَاعِ في شَدِّ الرَّحْل ِ لِزِيَارَةِ مَسْجِدٍ غيْرِ المسَاجِدِ الثلاثة.

فمسجد قباء يستحب زيارته لمن كان فى المدينة؛ لأن ذلك ليس بشَدّ رحل (ليس بسَفَر) كما فى الحديث الصحيح أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قال: «صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِ قُبَاءَ كَعُمْرَةٍ»» (رواه ابن ماجه وصححه الألباني).

وقال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «مَنْ تَطَهَّرَ فِي بَيْتِهِ ثُمَّ أَتَى مَسْجِدَ قُبَاءَ، فَصَلَّى فِيهِ صَلَاةً، كَانَ لَهُ كَأَجْرِ عُمْرَةٍ» (رواه ابن ماجه وصححه الألباني).

وقوله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «مَنْ تَطَهَّرَ فِي بَيْتِهِ ثُمَّ أَتَى مَسْجِدَ قُبَاءَ» تنبيه على أنه لا يُشْرَع قصْده بشد الرحال، بل إنما يأتيه الرجل مِن بيته الذي يصلح أن يتطهر فيه، ثم يأتيه فيقصده كما يقصد الرجل مسجد بلده دون المساجد التي يسافر إليها.

٢ - مَن حَمَل حَدِيْث «لا تُشَدُّ الرِّحَالُ إلّا إلىَ ثلاثةِ مَسَاجِدَ»، عَلى نفي اسْتِحْبَابِ شَدِّ الرّحَالِ لِغيْرِهَا، ثمَّ أجَازَ شَدَّ الرِّحَال ِ لِلمَسَاجِدِ عَامَّة ً غيرَ المسَاجِدِ الثلاثةِ، بزِيَارَةِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وآله وسلم - لمِسَجْدِ قباء فكلامه فِيْهِ تعَارُضٌ وَتنَاقض:

فإنهُ إمّا أَنْ يَنْفِيَ اسْتِحْبَابَ زِيَارَةِ مَسْجِدِ قباءَ، لِيَسْتَقِيْمَ تَأْوِيْلهُ لِحَدِيْثِ «لا تُشَدُّ الرِّحَالُ»: فيُخالِفَ بذَلِك َ السُّنَّة َ الصَّحِيْحَة َ الصَّرِيْحَة.

بَلْ يُخالِفُ مَا وَرَدَ مِنْ عَظِيْمِ فضْل ِ زِيَارَتِهِ.

<<  <   >  >>