للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَفِيهِ أَنَّ مَنْ مَاتَ فِي الْفَتْرَة عَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ الْعَرَب مِنْ عِبَادَة الْأَوْثَان فَهُوَ مِنْ أَهْل النَّار.

وَلَيْسَ هَذَا مُؤَاخَذَة قَبْل بُلُوغ الدَّعْوَة، فَإِنَّ هَؤُلَاءِ كَانَتْ قَدْ بَلَغَتْهُمْ دَعْوَة إِبْرَاهِيم وَغَيْره مِنْ الْأَنْبِيَاء - صَلَوَات اللهِ تَعَالَى وَسَلَامه عَلَيْهِمْ-.

وَقَوْله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «إِنَّ أَبِي وَأَبَاك فِي النَّار» هُوَ مِنْ حُسْن الْعِشْرَة لِلتَّسْلِيَةِ بِالِاشْتِرَاكِ فِي الْمُصِيبَة، وَمَعْنَى (قَفَى) وَلَّى قَفَاهُ مُنْصَرِفًا» (١).

وروى مسلم أيضًا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: زَارَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وآله وسلم - قَبْرَ أُمِّهِ، فَبَكَى وَأَبْكَى مَنْ حَوْلَهُ، فَقَالَ: «اسْتَأْذَنْتُ رَبِّي فِي أَنْ أَسْتَغْفِرَ لَهَا فَلَمْ يُؤْذَنْ لِي، وَاسْتَأْذَنْتُهُ فِي أَنْ أَزُورَ قَبْرَهَا فَأُذِنَ لِي، فَزُورُوا الْقُبُورَ فَإِنَّهَا تُذَكِّرُ الْمَوْتَ».

قال الإمام النووي - رحمه الله - في شرحه لهذا الحديث من صحيح مسلم: «وَفِيهِ النَّهْيُ عَنِ الِاسْتِغْفَارِ لِلْكُفَّارِ» (٢).

وقد قال بقول الإمامِ النوويِّ بكُفْر والدي النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - الإمامُ مسلم (٣)، والإمامُ أبو داود صاحب السنن (٤)، والإمامُ النسائي (٥)، والإمامُ ابن ماجة (٦)، والإمامُ أبو حنيفة النعمان (٧)، وشمسُ الدين السرخسي الحنفي (٨)، وزَكَرِيَّا الْأَنْصَارِيُّ الشَّافِعِيُّ (٩)،


(١) ((شرح النووي على مسلم (٣/ ٧٩).
(٢) شرح النووي على مسلم (٧/ ٤٥).
(٣) حيث روى في صحيحه الحديثين السابقين.
(٤) حيث روى نفس الحديث مع أحاديث أخرى وعنون عليها: باب في ذراري ـ أي أبناء ـ المشركين.
(٥) حيث روى حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، وعنون عليه: باب زيارة قبر المشرك.
(٦) حيث روى هو أيضا نفس الحديث وعنون عليه: باب ما جاء في زيارة قبور المشركين.
(٧) حاشية رد المحتار على الدر المختار لابن عابدين الحنفي (٣/ ٢٠٢).
(٨) المبسوط في شرح الكافي (٢٧/ ١٣٨).
(٩) أَسْنَى الْمَطَالِبِ فِي شَرْحِ رَوْضِ الطَّالِبِ (٤/ ٢٦٣).

<<  <   >  >>