للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحضارة ولا حتى لكرامة الإنسان، ويهدد هذا الانعزال بإشاعة روح مِن الشعور بالاضطهاد، ومنظور تجاه العالم تسوده نظريات المؤامرة، وتغيب عنه - تمامًا - قيم الإسلام العظيمة: كالحكمة والعقلانية».

التعليق:

يستمر فضيلة المفتي في التحذير مِن السلفيين، ويستعدي الأمريكان عليهم، ويستخدمهم كفزاعة للغرب؛ مثلما كان يفعل الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك، فَبِهِمْ - من وجهة نظر فضيلة المفتي- «تتجه الأمور إلى مزيد مِن الأصولية الخطرة»، ويتسببون في وجود «محرك للأصولية التي يغذيها شعورهم بالإحباط»، وهم «جزءٌ مِن المشكلة بالنسبة للعالم، وليسوا إخوانًا علي الصراط المستقيم»!!

وإن تعجب فعجبٌ تلك الاتهامات الباطلة التي يحزننا أن تصدر من مفتي الديار المصرية الذي يُنتظر منه أن يدافع عن المسلمين، لا أن يكيل لهم الاتهامات بلا دليل، تلك الاتهامات التي ما فتئ اليهود والصليبيون وأذنابهم في ديار الإسلام يتهمون بها دعاة الإسلام في كل مكان.

وإن الماضي الذي يسبغ عليه السلفيون المثالية الكاملة ليس مجرد نتاج لخيالهم، بل هو منهج النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وليس بعيد المنال، بل سيتحقق، فقد أخبرنا الصادق المصدوق - صلى الله عليه وآله وسلم - بأن الخلافة الراشدة ستعود على منهاج النبوة، فقد روى الإمام أحمد في مسنده عن حُذَيْفَةُ - رضي الله عنه - قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم -: «تَكُونُ النُّبُوَّةُ فِيكُمْ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ خِلافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ، فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا عَاضًّا، فَيَكُونُ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا جَبْرِيَّةً، فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ خِلافَةً عَلَى مِنْهَاجِ النُبُوَّةٍ» ثُمَّ سَكَتَ. (رواه الإمام أحمد، وحسنه الألباني).

أما حديث فضيلة المفتي عن انعزال السلفيين عن عموم الناس فأحسب أنه ليس له وجود إلا في مخيّلة فضيلته، فالسلفيون - بفضل الله - موجودون بقوة داخل فئات المجتمع، وليس أدل على ذلك مِن تخوف العالمانيين مِن شعبيتهم الجارفة.

<<  <   >  >>