للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حد ولا غاية {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (الشورى:١١)، ونقول كما قال، ونصفه بما وصف به نفسه، لا نتعدى ذلك، ولا يبلغه وصف الواصفين، نؤمن بالقرآن كله محكمه ومتشابهه، ولا نزيل عنه صفة من صفاته لشناعة شُنِّعَتْ، ولا نتعدى القرآن والحديث، ولا نعلم كيف كُنْه ذلك إلا بتصديق الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم -، وتثبيت القرآن».

قال الإمام أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي - رضي الله عنه -: «آمنت بالله وبما جاء عن الله، على مراد الله، وآمنت برسول الله، وبما جاء عن رسول الله على مراد رسول الله».

إلى هنا انتهى ما نقله المفتي من كلام ابن قدامة، وهو كافٍ في الرد على المفتي، ولتأكيد مخالفة ابن قدامة وأئمة الدين لمنهج المفتي والأشاعرة ننقل هنا ما قاله ابن قدامة بعد ذلك مباشرة ولم ينقله المفتي.

قال ابن قدامة: «وعلى هذا درج السلف وأئمة الخلف - رضي الله عنهم -، كلهم متفقون على الإقرار والإمرار والإثبات، لما ورد من الصفات في كتاب الله وسنة رسوله من غير تعَرُّضٍ لتأويله. وقد أمرنا بالاقتفاء لآثارهم، والاهتداء بمنارهم (١) وحذرنا المحدثات وأخبرنا أنها من الضلالات، فقال النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -: «عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ، تَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ، فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ» (٢).

وقال عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -: «اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كُفِيتُم».

وقال الإمام أبو عمر الأوزاعي - رضي الله عنه -: «عليك بآثار مَن سَلَفَ وإن رفضك الناس، وإياك وآراء الرجال، وإن زخرفوه لك بالقول».


(١) ((المنار، جمع منارة: وهي العلامة تجعل بين الحدين.
(٢) ((رواه أبو داود، وصححه الألباني.

<<  <   >  >>