للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من سماء إلى سماء حتى انتهى إلى السماء السابعة، وتجاوزها إلى سدرة المنتهى، ثم إلى البيت المعمور، وكل ذلك وهو في صعود، وهذا دليل على أن الله تبارك وتعالى عالٍ على جميع مخلوقاته بذاته، مستوٍ على عرشه الذي هو أعلى مخلوقاته.

أما العقل: فإنه يدل على أن الله - سبحانه وتعالى - في العلو من وجهين:

أولًا: إن العلو صفة كمال، والله - سبحانه وتعالى - له صفات الكمال من كل وجه كما قال تعالى: {وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} (الروم:٢٧)، فوجب ثبوت العلو له - سبحانه وتعالى -.

الثاني: أنه إذا انْتَفَتْ صفة العلو ثبتت صفة السفل لتقابلهما، وصفة السفل صفة نقص والله تعالى منزه عن كل نقص.

ويقال لِمُنْكِر عُلُوّ الله: إما أن يكون الله - سبحانه وتعالى - موجودًا وإما أن يكون غير موجود - تعالى الله عن ذلك - وعلى كِلَا التقديرَيْن يُلْزَم مُنْكِر العلو ببطلان قولِه؛ لأنه لا يخلو إما أن يكون الله في العلو أو في السُفل، وكونه في السُفل باطل لأنه يلزم منه أن يكون الله حَالًّا في مخلوقاته وهذا كفر بإجماع السلف، فلم يبْقَ إلا القسم الثاني وهو كَوْنُه - سبحانه وتعالى - في العلو، فيتعين اعتقاد العلو.

ويقال أيضًا لِمُنْكِر العلو: لا يخلو الحال من أن يكون اللهُ - سبحانه وتعالى - فوق أو تحت أو يمين أو يسار أو أمام أو خلف فيُنْظَر أي الجهاتِ أشرف فنجد أن العلو هو الأشرف والله - سبحانه وتعالى - مستحق للأشرف، فيتعين كونه في جهة العلو.

أما الفطرة: فإن العقلاء جميعهم مفطورون على التوجه إلى العلو عند الدعاء واللّجاء والاضطرار، مما يدل قطعًا على أن الله في العلو، فما من داع أو خائف إلا فزع

<<  <   >  >>