للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والحافظ ابن حجر في (فتح الباري) قد نقد الأشاعرة باسمهم الصريح وخالفهم فيما هو من خصائص مذهبهم، فمثلًا خالفهم في الإيمان، ونقَدَهم في مسألة المعرفة وأول واجب على المكلف في أول كتابه وآخره (١).

كما أنه نقد شيخَ الأشاعرة في التأويل (ابنَ فُورَك) في تأويلاته التي نقلها عنه في شرح كتاب التوحيد في (فتح الباري)، وذمَّ التأويلَ والمنطقَ مرجحًا منهج الثلاثة القرون الأولى، كما أنه يخالفهم في الاحتجاج بحديث الآحاد في العقيدة وغيرها من الأمور (٢).

خامسًا: مع أن المفتي يتهم السلفيين بأنهم خوارج - وهم بريئون من ذلك - فقد أجاز (ص١٧) التعبد بمذهب الإباضية وهم فرقة من الخوارج (٣) يقولون بخلق القرآن كما جاء في كتبهم قديمًا وحديثًا، وقد وافقوا الخوارج في ذلك، ويظهر من خلال كتبهم تعطيل الصفات مثل إنكار رؤية الله في اليوم الآخر وتعطيل الصفات عمومًا، والإباضية تقول بتخليد العاصي في نار جهنم، وهي بذلك تتفق مع بقية الخوارج والمعتزلة في تخليد العصاة في جهنم، لكن الإباضية تحكم عليه في الدنيا بأنه كافر كفر نعمة - أو كفر نفاق.

ومن الأمور التي يتفقون عليها إنكار الشفاعة لعصاة الموحدين، لأن العصاة - عندهم - مخلدون في النار، فلا شفاعة لهم حتى يخرجوا من النار، وكل ذلك معارضَةٌ لما تواتر عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - من الشفاعة لأهل الكبائر (٤).


(١) ونقل الحافظ ابن حجر عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ السِّمْنَانِيِّ وَهُوَ مِنْ كِبَارِ الْأَشَاعِرَةِ أن هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مِنْ مَسَائِلِ الْمُعْتَزِلَةِ بَقِيَتْ فِي مَذْهَبِ الأشاعرة. انظر: فتح الباري (١/ ٧٠ - ٧١، ١٣/ ٣٤٩).
(٢) انظر فتح الباري (١/ ٤٦)، (٣/ ٣٥٧ - ٣٦١)، (١٣/ ٣٤٧ - ٣٥٠).
(٣) ((راجع: فتوى الشيخ عطية صقر عن الخوارج، فتاوى الأزهر، نسخة إلكترونية على موقع وزارة الأوقاف المصرية www.islamic-council.com ، تاريخ الفتوى: مايو ١٩٩٧.
(٤) ((راجع: الإباضية، للدكتور عبد العزيز بن محمد بن علي آل عبد اللطيف.

<<  <   >  >>