للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الحروب وقاية لراكبها، والقطيع من الغنم يرعاها صبي واحد، فلو تفرقت فأخذت كل شاة منها جهة لنفورها، لتعذرت رعايتها، وربما أعجزت طالبها.

وكذلك جميع الحيوان المسخر للإنسان، وما ذلك إلا لأنها عدمت العقل والتروي فكان ذلك سببا لتذليلها (١).

[(ب) الرزق]

وعبرة أخرى يلفت القرآن الكريم الأنظار إليها في الحيوان وهي مسألة رزق الحيوان، إن الإنسان يعقل ويفكر ويخطط ويسعى في سبيل تحصيل معيشته وكسبه وإذا حصل على الكسب بطريقة ما، فكر في ادخاره وخزنه للمستقبل، أما الحيوان فليست عنده القدرة على التفكير والتخطيط، وليس من طبعه ذلك، إلا أنواع قليلة منها يعدها علماء الحيوان في الطبقة الراقية من الحيوان كالنمل والنحل. إن قدرة الحكيم الخبير المحيطة بكل شيء قد تكفلت بأرزاقها، وتوفر سبل البقاء أمامها. يقول عز من قائل:

وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُها وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٦٠) [العنكبوت: ٦٠].

هكذا شأن الألوهية في المخلوقات: العلم والإحاطة بالمكان وتكفل الرزق في جميع الظروف، فالحيوان مرزوق في كل مكان، في أعماق البحار والمحيطات، وفي

الصحراء المحرقة، والأصقاع المتجمدة، تحت الصخور الصماء وفي أجواء الفضاء، كل ذلك في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى.

وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُها وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّها وَمُسْتَوْدَعَها كُلٌّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ (٦) [هود: ٦].


(١) «الحكمة في مخلوقات الله» للإمام الغزالي، ص ١٠١.

<<  <   >  >>