للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والكافرين والكلمات التي تحدثوا بها عن ما يحسون من أثر القرآن فإننا لا نجد فيها تعليلا فكريا لهذا الأثر.

فعمر بن الخطاب يقول عن القرآن (ما أحسن هذا الكلام وأكرمه!) ويقول عن تأثير القرآن في نفسه (فلما سمعت القرآن رقّ له قلبي، فبكيت ودخلني الإسلام) (١).

وكذلك قول الوليد بن المغيرة عند ما تحدث عن مشاعره وأحاسيسه عن القرآن في لحظة صدق مع نفسه قال: (والله إن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإن أسفله لمغدق، وإن أعلاه لمثمر، وإنه ليحطم ما تحته، وإنه ليعلو وما يعلى عليه، ما يقول هذا بشر) (٢).

وزعماء قريش يجدون شيئا خفيا يسيّرهم كل ليلة ليستمعوا قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يستطيعون الامتناع عن السير إليه مع تعاهدهم عليه ولا يملكون مخالفة هذا الدافع الخفي (٣).

هذه المرحلة الأولى لتذوق الجمال الفني القرآني، هي مرحلة التذوق الفطري المباشر، يجد فيها الإنسان مس القرآن، ويلمس تأثيره ويبهر به، ويستسلم له، ولا يحاول أن يبحث عن سر ما يلمس، وتعليل ما يجد، لأنه في شغل عن بيان كل هذا:

[المرحلة الثانية]

مرحلة إدراك مواضع الجمال المتفرقة:

وتبدأ هذه المرحلة في منتصف القرن الثاني للهجرة عند ما أقبل العلماء على القرآن الكريم من مفسرين وأدباء ومتكلمين.

إلا أن نظراتهم اقتصرت على نواح جزئية حيث نظروا في الآية


(١) «السيرة النبوية» لابن هشام ١/ ٣٧٢.
(٢) انظر «سيرة ابن هشام» ١/ ٢٨٨.
(٣) انظر حادثة أبي جهل والأخنس بن شويق ... في سيرة ابن هشام ١/ ٣٧٧. وانظر «التصوير الفني في القرآن» ص ٢٣.

<<  <   >  >>