للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ابن عطية: أي جئت على مقدار محدود للنبوة التي أرادها الله منكم، ومنه قول الشاعر:

نَالَ الْخلَافَة إِذْ كَانَتْ لَهُ قَدَرًا ... كَمَا أَتَى رَبّه مُوسَى عَلَى قَدَر

قال ابن عرفة: هذا تشبيه قبيح ولفظه موهم لَا ينبغي التمسك به، وإن كان المعنى في نفسه صحيح، قلت: والبيت يمدح عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه، وقبله.

[مِمن يعدُّك تَكْفِي فقدَ والدهِ ... كالفرخ فِي الْعُشِّ لَمْ يَنْهَض وَلم يَطرِ

يَدْعُوك دعة ملهوفٍ كَأَن بِهِ ... خَبَلا من الْجِنِّ أَوْ مَسًّا من النشرِ

خليفةَ اللَّهِ مَاذَا تأمُرُون بِنَا ... لَسْنا إِلَيْكُم وَلَا فِي دَار منتظر

مَا زلتُ بعدَك فِي هَمٍّ يُؤَرِّقُنِي ... قَدْ طَال فِي الحَيِّ إصْعَادي وَمُنْحَدِرِي

لَا ينفع الحاضِرُ المجهودُ بادِيَنَا ... وَلا يعودُ لَنَا بادٍ عَلَى حَضِرِ

إِنَّا لنرجُو إِذَا مَا الغيثُ أَخْلَفَنَا ... من الْخَلِيفَة مَا نرجو من المَطَرِ

نَالَ الْخلَافَة إِذْ كَانَتْ لَهُ قَدَرًا ... كَمَا أَتَى رَبّه مُوسَى عَلَى قَدَر

هذي الأرامل قَدْ قَضَّيْت حاجَتَها ... فمَنْ لحاجةٍ هَذَا الأرمل الذَّكَرِ*]

قوله تعالى: {اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ بِآيَاتِي ... (٤٢)}

قال ابن عرفة: ذكروا أنه لَا يلزم من العطف صحة وقوع المعطوف عليه، وهذا منه؛ لأنه لَا يجوز اذهب، فإن قلت: كيف؟ قال: قد جئناك بآية من ربك بعد قوله اذهب بآياتي، والجواب: أن الآية واحد بالنوع لَا بالشخص.

قوله تعالى: (وَلَا تَنِيَا فِي ذِكْرِي).

هذه حجة لمن يقول أن الأمر للتراخي؛ لأن الأصل التأسيس وإلا كان يكون هذا تأكيدا، والجواب بأن الأمر اقتضى كون الذهاب على الفور والنهي عن التوالي في الذكر لَا في الذهاب، واختلف المتعلق على الفخر، والدليل أنه على الفخر، والدليل أنه على التراخي تعيينه بكلام آخر خوطب به، ولو كان على الفور لذهب موسى في الحال.

ورده ابن عرفة بأن الأمر إذا عقب بكلام مبني له لَا يقدح في كونه على الفور.

قوله تعالى: [(اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (٤٣) *]

اقتضت هذه حصول طغيانه، وقال بعده: (قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى (٤٥) .. فاقتضت تلك أن طغيانه متوقع في المستقبل، وأجاب ابن عرفة: أن المتوقع دوام طغيانه، ويؤيده قوله تعالى: (لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى).

<<  <  ج: ص:  >  >>