للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال ابن عرفة: السحر أطال فيه إمام الحرمين ولم يحصل من كلامه شيء غير تميزه بالخاصية وهو أنه الذي يمكن معارضته؛ والمعجزة لَا يمكن معارضتها.

قال ابن العربي: قانون التأويل؛ السحر يقال فيه: أنه حقيقة لَا حق.

وقال في المعارضة: السحر قول مؤلف يعظم فيه غير الله تعالى.

قال ابن عرفة: والصحيح الذي كان يمشي لنا في حدة أنه أمر ينشئ عنه باعتبار قصد فاعله على أوضاع مخصوصة أثر خارق للعادة بذاته أو بنسبته إليه، فقوله: بذاته كالطيران في الهواء، والمشي على الماء؛ فإنه خارق للعادة بذاته، وقولنا: أو بنسبته إليه كالتمريض، فإن المريض بذاته أمر معهود، وإنما هو خارق للعادة بالتشبه إلى حدوثه عن فعال فعلها الساحر.

قال: وحكى اللخمي عن ابن المواز فيمن يخيل أنه يضرب نفسه بخنجر، أنه يقطع به الحبل، أنه ساحر، فقيل: قال ابن عرفة: وكذلك غالب العجائبيين يفعل من أنه يزرع النفوس هو سحر أيضا، وكذلك الذي يخيل أنه يدخل في الكرة الصغيرة هو ساحر أيضا، والساحر يقتل شرعا؛ لأنه إن اعتقد حلية ما يفعل وتأثيره فهو كافر، وإلا فهو فاسق يجب قتله شرعا.

قوله تعالى: {فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى (٦٧)}

(خِيفَةً) يعني أدرك خيفة.

قال ابن عرفة: الصواب عندي أن يقال: تصور خيفة؛ أي تصورها في ذهنه واستحضرها فقط؛ لأنه أدركها؛ لقوله تعالى: (إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ)، وهذا كما ورد في الحديث: أن الخطوات والسلوك التي تخطر بقلب الإنسان لا يصمم عليها معفو عنها.

قوله تعالى: {إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى (٦٨)}

إن أريد به أنه أعلى من السحرة بالتفضيل مجاز، مثل: العسل أحلى من الخل؛ إذ ليس في فرعون -عليه اللعنة- علو بوجه.

قيل لابن عرفة: فيدعي سيدي أبو محمد المرجاني، أن موسى عليه الصلاة والسلام إنما خاف لكونه سمع جبريل عليه الصلاة والسلام يقول للسحرة: تقدموا يا أولياء الله؛ فلذلك أوجس في نفسه خيفة.

<<  <  ج: ص:  >  >>