للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {إِنَّمَا فُتِنْتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ ... (٩٠)}

قال ابن عرفة: عادة الطلبة يوردون في حسن الائتلاف: إن فتنتم به حاصلة موجودة لَا يحتاج إلى حصر الربوبية له فهلا كان الأمر بالعكس، قال: وأجيب به ليس المراد حصر الفتنة فيهم ولا حصرهم في الفتنة، وإنَّمَا المراد حصر فتنتهم في العجل له في حدوثه وعجزه، أما ظاهر ضروري معلوم بالبديهة على سبيل التوبيخ لهم والتصنيع عليهم، وإمَّا كون الرحمن ربا لهم فالحصر فيه أمر قد علم من خارج بما يقدر عندهم من الدلائل والمعجزات السابقة، وإما بأن المبتدأ لابد أن يكون أخص من الخبر أو مساويا له، فإن كان مساويا له فالحصر بين، وأن كان أخص فكذلك فقد استفيد الحصر بقوله تعالى: (رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ)

قوله تعالى: (فَاتَّبِعُونِي).

ابن عرفة: أي فبما نهيتكم عنه؛ بقوله تعالى: (إِنَّمَا فُتِنْتُمْ بِهِ) أي اتبعوني في ترك عبادة العجل، وأطيعوا أمري لكم بقولي: إن ربكم الرحمن فأمرتكم بعبادته.

وقال ابن عطية: فاتبعوني إلى الطور الذي وعدكم الله إليه، وأطيعوا أمري فيما وعدتكم وذكرته لكم.

قوله تعالى: {مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا (٩٢) أَلَّا تَتَّبِعَنِ ... (٩٣)}

فيتعارض فيه المجاز باعتبار زيادة لَا والإضمار، وفيها ثلاثة أقول ثالثها أنها سواء.

قوله تعالى: {قَالَ يَبْنَؤُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي ... (٩٤)}

إنما نسب إلى أمه، كما ورد في الحديث الصحيح عن أم هانئ، أنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: إن ابن أمي علي بن أبي طالب زعم أَنَّهُ قَاتِلٌ رَجُلًا قَدْ أَجَرْتُهُ، فُلاَنَ ابْنَ هُبَيْرَةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قَدْ أَجَرْنَا مَنْ أَجَرْتِ يَا أُمَّ هَانِئٍ"، وكان علي بن أبي طالب أخاها شقيقا.

قوله تعالى: {إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا (٩٨)}

إن قلت: قوله تعالى: (لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ) توكيد لاقتضائه الأول الحصر فلا فائدة في الثاني، والجواب: أن الأول مضاف إليهم فيقتضي حصر ألوهية الإله فيهم، ولا يلزم من كونهم لَا إله لهم غيره أن لَا يكون لغيرهم إلى الفعل لغيرهم ربا غيره، قيل

<<  <  ج: ص:  >  >>