للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بالعري؛ لأن المتأكد على الإنسان المشق عليه أكله وكسوته، وأما الماء متيسر عليه، وكذلك الوضع الذي يسكن فيه متيسر، فيسكن إلى حائط أو في غار أو خباء أو نحوه.

قال الزمخشري: وقرئ وأنك، ثم أورد سؤالا، ثم عطف (وَأنَّكَ) على (ألَّا تَجُوعَ) وأنت لَا تجوز أن تقول أن زيد منطلق والواو نائبة مناب تكرير أن، ثم أجاب بأن [الواو لم توضع لتكون أبدا نائبة عن أنّ، إنما هي نائبة عن كل عامل، فلما لم تكن حرفا موضوعا للتحقيق خاصة -كإن- لم يمتنع اجتماعهما كما امتنع اجتماع إنّ وأن*].

قال ابن عطية: وكان العرف أن يقرن الجوع بالظمأ، والعري بالضحى إذ العري يمس بسببه البرد فيؤدي، وكذلك الضحى يفعل ذلك بالضاحي، ومنه قول امرئ القيس:

كأني لم أركب جوادا للذة ... ولم أتبطّن كاعبا ذات خلخال

ولم أسبأ الزقّ الروي ولم أقل ... لخيلي كري كرة بعد إقفال

قال ابن عرفة: حكى ابن عزون السجلماسي في تأليفه في البيان: أن المتنبي أنشد في مجلس الأمير سيف الدولة بمحضر الأدباء.

تمرّ بك الأبطالُ كلمى هزيمةً ... ووجهُك وضّاحٌ وثغرُك باسمُ

ضممت جناحيهم إلى القلب ضمّةً ... تموت الخوافي تحتها والقوادِمُ

وأنكر عليه الحاضرون ذلك بعد ما وعده الملك بجائزة عظيمة، وقالوا له: عكست التشبيه وأدخل رأسه في طوقه ساعة ثم استشهد بقول امرئ القيس:

فأدخل رأسه في طوقه ... وفكر ساعة ثم استشهدا

على عكسه التشبيه بقوله تعالى: وزاده إلى جائزته (إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى (١١٨) وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى) الآية، فسكت الحاضرون، فقال سيف الدولة: الله أكبر وزاده في جائزته التي كان وعده بها خمسين دينارا.

قوله تعالى: {فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا ... (١٢١)}

إنما عوقب بها؛ لأن التعري وكشف العورة يظهر لكل أحد؛ بخلاف الجوع والعطش فإنه أمر خفي لَا يعلم به إلا صاحبه.

قوله تعالى: (وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى).

<<  <  ج: ص:  >  >>