للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الولي: الحافظ، وهو الذي خيره بقوله: يدفع عنه بالمحاولة والرغبة، فالولي يمنعه من الملك لقوته، والشفيع: يمنعه منه بجاهه عنده ومكانته، وانظر ما تقدم في سورة الأنعام في قوله تعالى: (وَذَكِّرْ بِهِ أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ).

قوله تعالى: {يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ... (٥)}

قال ابن عطية: عدة تأويلات فعن مجاهد وابن عباس وجماعة: [ينفذ الله تعالى قضاءه بجميع ما يشاؤه، (ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ) خبر ذلك (فِي يَوْمٍ) من أيام الدنيا (مِقْدارُهُ) أن لو سير فيه السير المعروف من البشر (أَلْفَ سَنَةٍ)؛ لأن ما بين السماء والأرض خمسمائة سنة، وقيل: يدبر: يلقى إلى الملائكة أمور ألف سنة من عندنا*]، وهو اليوم عنده، فإذا [فرغت ألقى إليهم مثلها*] إلى أن ينفذ الأمور عنده لهذه المدة، ثم تصير إليه أخرى، وكلها عن مجاهد، وقيل: يدبر الأمر من السماء إلى الأرض في هذه الدنيا، ثم يعرج إليه يوم القيامة، ويوم القيامة مقداره ألف سنة لشدة هوله، وهذا راجع لقوله تعالى: (خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ)، أي كل يوم منها ألف سنة، وعن أبي يزيد: أن الضمير في مقداره عائد على العروج، وهو الصعود، وقيل: يدبر أمر الشمس أنها [تصعد*] وتنزل في يوم، وذلك قدر ألف سنة، زاد الزمخشري [الْأَمْرَ المأمور به من الطاعات والأعمال الصالحة ينزله مدبرا (مِنَ السَّماءِ إِلَى الْأَرْضِ) ثم لا يعمل به ولا يصعد إليه ذلك المأمور به خالصا كما يريده ويرتضيه إلا في مدة متطاولة، لقلة عمال الله والخلص من عباده وقلة الأعمال الصاعدة، لأنه لا يوصف بالصعود إلا الخالص*]، قال تعالى (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ)، قيل: ينزل الوحي مع جبريل إلى الأرض ثم يصعد إليه مع ما كان من قبوله أو رده في وقت هو ألف سنة، وهي [مسافة*] الطلوع والهبوط وسرعة سير جبريل.

قال ابن عرفة: وظهر لي معناه، وأورده ابن عرفة في قوله (وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا)، سر الأفعال تقدير الآية لو شئنا إتيان كل نفس هداها لآتيناها هداها، فيلزم عليه أحد أمرين وهما: إما تحصيل الحاصل أو تقدم الصفة على الموصوف بيان ذلك أنه أن يراد بقوله تعالى: (شِئْنَا) الإرادة التنجيزية أو الصلاحية، فإن كان الأول وهو إيراد الإرادة التنجيزية، لزم تحصيل الحاصل، وأنه يصير المعنى حينئذ: لو أوقعنا الهداية بالفعل [لوقع الفعل*]، وإن كان الثاني وهو أن يراد الصلاحي لو تم تقدم الصفة على الموصوف، وبيانه أن الإرادة من الصفات التعليقية وهي قديمة والنفوس حادثة، فيلزم وجود التعلق الذي هو صفة في الأزل دون المتعلق، وذلك نفس تقدم الصفة على الموصوف، قلت: وهذا جواب بتقدير الإشكال المذكور في الأصل فتأمله.

قوله تعالى: {الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ ... (٧)}

<<  <  ج: ص:  >  >>