للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأجاب الزمخشري: بأنه لما كان معنى قوله تعالى: (وَكَذبَ الُّذِينَ مِن قَبلِهِمْ)، [وفعل الذين من قبلهم التكذيب، وأقدموا عليه: جعل تكذيب الرسل مسببا عنه ونظيره*] أقدم فلان على الكفر فكفر بمحمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

قوله تعالى: {مَثْنَى وَفُرَادَى ... (٤٦)}

إن قلت: قدم (مَثْنَى) على (وَفُرَادَى) وكان العكس، فالجواب: أن مفعول التكذيب بالنظر والاستدلال مع الجماعة أقرب من حصوله حالة الانفراد، والآية خرجت مخرج الوعظ والتذكير، فكان تقديم الاثنين من الواحد.

قوله تعالى: {قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ ... (٤٧)}

إما أن يقتضي النفي [نفى مسألة الأجر رأسا*]، [والثاني: أن يريد بالأجر ما أراد في قوله تعالى قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَنْ شاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلًا*]، وفي الآية دليل بجواز أخذ الأجرة على رواية الأحاديث.

وفيه خلاف حكاه ابن الصلاح، قيل: تجوز، وقيل: لَا تجوز، واختار بعض المتأخرين إن كان يشغله عن [معاشه*] فجائز، [وإلا لم يجز*]، وأما الحديث الواحد فلا يجوز أخذ الأجرة على تبليغه، وانظر بما تقدم في آخر سورة البقرة، ووجه الدليل من هذه الآية أن الأصل الناشئ حين يدل الدليل على التخصيص، والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لَا يتوهم سؤاله إلا عن ما هو جائز.

قوله تعالى: (وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ).

إن أريد بالشهادة مجرد العلم والكشف والإطلاع فهو عام باق على عمومه، ويكون فيه دليل على تعلق علمه بالجزئيات والكليات، وإن أريد بها الشهادة الملزومة للمجازاة مستثنى، فلا يصح كونه بدلا، وأيضا فقد فرقوا بين العطف على مواضع أن، وبين العطف على مواضع إن واسمها، فالعطف على مواضع اسمها لَا يجوز عند الأكثر، لعدم [المجوز*]؛ لأن الرفع امتنع بدخول (إن) والعطف على موضعها هي واسمها جائز، لأن موضعها رفع، فالصواب: أن (عَلَّامُ) خبر ابتداء مضمر، أي هو علام، والمبالغة إما باعتبار كثرة معلوماته، أو باعتبار الكيفية، وأنه في [أعلى*] درجات العلم.

قوله تعالى: {قُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ (٤٩)}

يحتمل أن يكون فيه حذف التقابل.

قوله تعالى: (قُلْ جَاءَ الْحَقُّ).

[والمعنى: جاء الحق وهلك الباطل، كقوله تعالى: جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ وعن ابن مسعود رضى الله عنه: دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة وحول الكعبة ثلاثمائة وستون صنما، فجعل يطعنها بعود نبعة، ويقول جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً، جاءَ الْحَقُّ وَما يُبْدِئُ الْباطِلُ وَما يُعِيدُ*]

<<  <  ج: ص:  >  >>