للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تعالى: (مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ) على ما فسروه هناك من أنه [كناية عن الاحتياج لأن*] الغائط والبول كان ذلك سببا لنفور المشركين عن عبادتهم وترجيحهم عبادة الأصنام على عبادة عيسى عليه السلام، قوله تعالى: [(بَلْ مَتَّعْتُ هَؤُلَاءِ وَآبَاءَهُمْ) *]

ابن عرفة: أي هذا إضراب إبطال؛ لأن بقاء الكلمة في عقب إبراهيم سببا في تعلق أصله برجوعهم فهو إبطال تشبيه، فالكلمة باقية في عقب إبراهيم على أنه لم يخل زمان عن توحيد الله عز وجل، لكن بقاء ذلك لم ينفع في إيمان قريش؛ بل لم يزالوا كفارا.

قال: وتقدم لنا هنا سؤال وهو هلا قال: بل متع هؤلاء وآباءهم؟ وأجيب: بأنه إخبار عن أمر ماض ويمتنع الإنباء عن مستقبل.

ابن عرفة: وذكر ابن عطية في غير هذا الموضع: أن قريشا كان منهم سبعون رجلا ملك كل واحد منهم القناطير من الذهب والفضة، قال: والغاية تقتضي مخالفة ما بعدها لما قبلها ولا [عكس*]، فالجواب: أن الإيمان بالرسول إنما هو لأجل مجيئهم بالحق فتكذيبهم بالحق الذي هو مقصد يستلزم تكذيبهم بالرسول، قال: وتقدم لنا هنا سؤال، وهو أنه قال تعالى في سورة المنافقين: (لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ) فأجابهم بالقول الموجب، وهنا لم يخاطبهم بالموجب، فكان يقول لهم قد نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو أعظم من كل عظيم.

قال: وعادتهم يجيبون: بأنهم لو أجيبوا بذلك لأوهم أن لهم حظا في القسمة كما وافق هنا على العزة والذلة، فقيل هنا: ليس لهم حظ في القسمة كما وافق هنا على العزة والذلة، فقيل هنا: ليس للعظيم حظ في القسمة، وليس لكم قدرة على القسمة بحيث تجعلون ذلك العظيم.

وأجاب بعضهم: بأنهم فهموا العظم في الدنيا باعتبار كثرة المال وكثرة اليسر [والحركة*]، وليس كذلك بل المراد العظيم القدرة عند الله.

قوله تعالى: (وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ).

إن أريد الذكر الابتدائي، إما بالقلب أو باللسان، فالمصدر مضاف للفاعل، فالمراد [بالذكر*] القرآن [**المقول]؛ لاستحالة وقوع ذلك من الله لأنه ليس بجسم، وإن أريد الذكر الناشىء عن سببه، فالمصدر مضاف للفاعل، فالمراد [بالذكر*] القرآن، أي ومن يعش عن سماعها والاتعاظ بها.

<<  <  ج: ص:  >  >>