للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

البعوضة، فلذلك كان مذموما في حقهم، وأما المتكبر، فقال ابن الخطيب: أحسن النَّاس فيه كلاما الشيخ الغزالي رحمه الله، قال: المتكبر هو الذي يرى الكل حقيرا، بالإضافة إلى ذاته، ولا يرى العظمة ولا الكبرياء إلا إلى نفسه، وينظر إلى غيره نظر المملوك إلى العبيد، فإن كانت صادقة كان المتكبر حقا، وإن كان صاحبها محقا في ذلك التكبر، فلا يتصور ذلك مطلقا إلا في حق الله تعالى، وإن كانت الرؤيا باطلة، ولم يكن ما يراه من التفرد بالعظمة؛ كما يراه كان المتكبر باطلا مذموما لحديث " [الْعَظَمَةُ إِزَارِي، وَالْكِبْرِيَاءُ رِدَائِي، فَمَنْ نَازَعَنِي وَاحِدَةً مِنْهُمَا قَذَفْتُهُ فِي جَهَنَّمَ*] "، فظهر أن المتكبر في حقه مدح وكمال، وفي حق غيره نقص، وقال مجاهد: التكبر من الكبرياء، بمعنى الملك، قال تعالى (وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيَاءُ فِي الْأَرْضِ)، وقيل: هو بمعنى الكبير، قال تعالى (فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ)، أي عظمنه، قال الزجاج: هو الذي يكبر عن ظلم عباده، قال الفخر: فإن قيل: المتكبر منفصل، وهو يفيد تكلف الفعل، يقال: فلان يتعظم وليس بعظيم يسخى وليس بسخي، فأجاب: بأن الأزهري، قال: التفعل قد يجيء لغير التكليف يقال: فلان يتظلم أي يظلم، ويتظلم أي يشكوا من الظلم، وهذه الكلمة من الأضداد، فقد يعني الظالم، وقد يعني الشديد من الظلم، وعبر عنه ابن العربي: بأن الفعل عبارة عن كونه على تلك الصفة، وهي في المخلوق حادث فكتب في الخالق النافية الاختصاص، فتكبر أي انفرد بالصفات العلى، وتكبر إذا اكتسب الكبرياء وتعاطاه، زاد الفخر جوابا آخر وهو أن المتفعل هو الذي يحاول إظهار الشيء ويبالغ فيه، فإن صدق كان ذلك الإظهار مدحا، وإن كذب فهو صفة ذم، وأما الخالق، فقال الفخر: هو على معنيين: إما المقدر وإما [الموجد*]، زاد ابن العربي: المعنى قال: وله معنى يستحيل هنا، وهو الكذب، الفخر: والتقدير تقدير الشيء على مقدار [معين*]، ولا بد فيه من صورة مؤثرة على [أن تتوقف*] على آلة مخصصة لذلك المقدار، وعلم بذلك القدر، فإن توقفت على آلة كتصوير أحدنا للخصم، فإِنه لَا يمكن بتحريك الأصابع، فتسمى تلك الحركة تقديرا أو تصويرا، قال: والعلم في حق القديم لَا يحتاج إلى فكرة ولا إلى نظر، قال: فإن فسرنا الخالق بالمقدِّر حسن الترتيب في الآية، لأن التقدير يرجع إلى العلم، فتقول: من قدر [من*] الفلاسفة من ظن أنه تعالى لَا يعلم الأشياء، وقصدوا علمه على ماهية معينة فلفظة الخالق يدل على علمه بحقائق الأشياء، ومنهم من سلم علوم علمه، لكنه يقول: الخيول قديمة والبارئ متصرف فيها، فقال البادي: زاد عليهم ليدل على إيجاده لها من عدم [محض*] لَا عن المادة، ومنهم من علمه وإيجاده لهذه الذوات، إلا أنه يقول صورة النبات والحيوان عن الطبيعة، والطبيعة هي التي تصور كل شيء على صورته الخاصة،

<<  <  ج: ص:  >  >>