للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {وَتُبْ عَلَيْنَآ ... }

الصواب فيه انه باعتبار الانتقال من مقام إلى مقام أعلى منه (فيرى) في ذلك نقصا (يقتضي) التوبة لأن الكبائر (تستحيل) على الأنبياء، وكذلك صغائر الخسة بإجماع، ويحتمل أن (يريد) (أعطنا ثواب التائبين.

فإن قلت: الرحمة سبب في التوبة فلَِم أخرها عنها؟

قلت: لأن الرحمة) وسيلة والتوبة مقصد والمقصد أشرف من الوسيلة.

قوله تعالى: {رَبَّنَا وابعث فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ ... }

إعادة النداء للاهتمام بالسبب وزيادة «مِنهُم» تنبيه على عموم رسالته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ في العرب لأن ضمير الذرية يعم العرب والعجم لأن بعض كفار قريش زعم أنه لم يرسل إليهم.

قوله تعالى: {وَيُعَلِّمُهُمُ الكتاب والحكمة وَيُزَكِّيهِمْ ... }

هذا جاء على الأصل في تقديم العلم أولا ثم (العمل) به لأن العلم شرط في العمل، ولذلك قال: كل شيء يمكن حصوله للولي الجاهل إلا العلم، لأن العلم لا يحصل له إلا بالتعلم وما يحكى في بعض المسائل عن الشيخ الصالح أبي الحسن علي الشاذلي وغيره إنما هي مسائل جزئية يمكن أن يطلعه الله على حكمها في مرآة يراها مسطورة بين يديه، فيجيب بما فيها، إنما العلم الكلي من حيث هو بحيث (يتصدى) لإقرائه وتعلمه فلم يوجد في العادة لأحد (بوجه)، كذا كان بعض الشيوخ يقول.

وقدم هنا وفي الحزب الذي يليه بعده «يُعَلِّمُهُمُ» «يُزَكِّيهِمْ»، وآخّره في سورة الجمعة.

كان الشيخ محمد بن عبد السلام يقول: إنه بحسب المجالس فحيث تقدم التعليم تكون تلك الآية نزلت عليه بمحضر الخواص ومن هو أهل للتعليم، فيكون التعليم أَهَمّ، وحيث تقدم التزكية تكون الآية نزلت عليه في موضع أكثره عوام، فتكون التزكية في حقهم أهمّ.

قوله تعالى: {إِنَّكَ أَنتَ العزيز الحكيم}.

(لَمْ) يَقُلْ: الغفور الرحيم لأن العزيز هو الذي ينفذ مراده ولا ينفّذ فيه مراد (أحد) والحكيم هو الذي تضمنه قوله تعالى: {الله أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} وقوله {وكانوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا}

<<  <  ج: ص:  >  >>