للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نار يكوى بها جبهته وظهره وجنباه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة". انتهى، إن أراد أن هذا هو ظاهر لفظ اليوم، فلا حاجة إلى استدلاله بالحديث على الآية، وإن أراد أن هذا هو الذي يتأول عليه، [وفهم*] مدلوله ومعناه عليه، فكما [يتأويله*] في الآية، فكذلك يتأوله في الحديث، وعبر بالسَّنَة دون العام؛ لخروج الآية مخرج التخويف، فإِن قلت: ما فائدة (كان)، وهلا قيل: في يوم مقداره خمسين ألف سنة، فالجواب من وجهين:

الأول: المعنى جعله الله في الأزل قدر خمسين ألف سنة، الثاني: الماضي محقق الوقوع، فالمراد أن هذا اليوم ثبت تقديره بذلك، واستقر بحيث لَا يتوهم فيه تغيير ولا نقص ولا تبديل، كما أن قول الصادق منا: قام زيد محقق الوقوع، بخلاف قوله: يقوم زيد، فإنه قد يبدأ له، أو يمنعه منه مانع.

قوله تعالى: {يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي ... (١١)}

من التمني في المستحيل الوقوع والممكن الوقوع، والترجي لَا يكون إلا في الممكن، والمحبة إلى الترجي أقرب، فهل الود راجع إلى معنى التمني أو المحبة، والظاهر الثاني، [فلَا يقال*] فيما يستحيل وقوعه ود فلان كذا، فإن قلت: قد قاله هؤلاء؟ قلت: هذا مستحيل في نفس الأمر، وهو في [اعتقادهم*] جائز ممكن غير مستحيل، و (لو) إن كانت بمعنى (إن)، فالمعنى يود المجرم الافتداء من العذاب ببنيه، وإن [كانت*] شرطية فالود متعلق بملازمته الشرط للجواب، أعني أنه متعلق بتقدير الافتداء، أي [يود المجرم تقديرا*] أنه يفتدي ويقبل منه الفداء، أعني يود أن يكون ذلك جائزا ممكنا، فهو أدق من الأول، لأنه على الأول يكون الافتداء غير واقع، وهذا الترتيب يمكن أن يكون متدليا، وأن يكون [ترقيا*]، فتقدير التدلي أن البنين أحظى وأحظ للنفس، والزوجة أحب من الأخ، بدليل جواز شهادة الأخ لأخيه إذا كان عدلا بخلاف زوجته، [وينفرد*] أيضا بأن الابن أقرب من غيره، بدليل منع الأب من التصرف في ماله، وإذا سرق الأب من مال ولده لَا يقطع، فحكم الأب على ابنه أقوى من زوجته، والزوجة تليه بدليل [أنه لا يملك*] التصرف فيما زاد على الثلث من مالها إلا بإذن زوجها، والأخ بعد ذلك لأنه ليس لأخيه عليه حكم، لكن هذا تقرير فقهي، وهذه الأمور إنما تجري على الأحكام اللغوية أو العرفية، وتقريره أنه ترقٍّ من وجهين:

الأول: أنه اعتبر المعطوف والمعطوف عليه جملة، فجعل أنه يود أن يفتدي من عذاب [يومئذ*] ببنيه فقط، أو يفتدي عوضا عن ذلك مجموع صاحبته وأخيه وفصيلته، وهو أشرف من الأبناء؛ باعتبار الكثرة والتعدد، أو يود أنه يفتدي من العذاب ببنيه والزوجة،

<<  <  ج: ص:  >  >>