للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فيقول: لَا يذم فعله ونحن نحمله على أنه يخلق الخير والشر؛ [لكننا لا نصف*] فعله بالذم عقلا، بل الكل في حقه حسن، والعقل لَا يحسن ولا يقبح، وإنَّمَا الحسن ما حسَّنه الشرع والقبيح ما قبَّحه [الشرع*]، فإن قلت: يؤخذ من الآية أن الملائكة أفضل من البشر، لأن من خلق غير هلوع أفضل؟ قلت: إنما يصح هذا [لو كان التفضيل عندنا عقلا صحّ ما قلتَ؛ وإنما هو شرعي، ولا امتناعَ من خلقه هلوعا وضعيفا ومن عجَل، مع تشريفه!؛ لأن اللَّه تعالى يفعل ما يشَاء ويحكم ما يريد*].

قوله تعالى: (الَّذِينَ).

الأظهر أن هذا من عطف الصفات لَا من عطف الموصوفات لسعة رحمة الله تعالى.

قوله تعالى: {يُصَدِّقُونَ ... (٢٦)}

عبر بالفعل المضارع لتجرد تصديقهم مهما ورد عليهم خبر من أخبار يوم الدين، والإيمان أعم عندنا من التصديق لأنه أخص، لأن المعاد مستفاد من السمع لَا من العقل، فإن قلت: كلام ابن الحاجب في احتجاجه لأهل السنة على المعتزلة يقتضي أن التصديق عندهم هو الإيمان؟ قلت: نص ابن التلمساني في شرح المعالم الفقهية على أن التصديق من عوارض الخبر، وذكر المتكلمون في الإيمان بوجود الصانع ووحدانيته، هل [يدرك بالسمع*] أو الدليل البرهاني العقلي، وهو الصحيح فمن وحد الله مؤمن مع أنه لم يسمع من أحد دليلا على ذلك، فصدقه؛ بل علمه بدليل عقلي ظهر له، فإن قلت: صدق الدليل البرهاني، وقلت: لَا يسمى ذلك تصديقا، فإن قلت: قد قسم المنطقيون العلم إلى تصور وإلى تصديق، [**فترى] التصديق على نفس العلم بالشيء من غير سماع خبر، قلت: هذا كاصطلاح هؤلاء وما كلامنا إلا في اصطلاح أهل علم الكلام، وقول الزمخشري: يصدقون بيوم الدين تصديقا بأعمالهم واستعدادهم له إشارة إلى مذهبه ولا ينافى مذهبنا نحن.

قوله تعالى: {مُشْفِقُونَ (٢٧)}

عبر هنا بالاسم إشارة إلى أنهم مهما سمعوا وعظا وزجرا ثبت لهم الخوف دائما من غير زوال ولا انتقال، وذكر أبو طالب في القوت هنا كلاما [خَلِقًا*] لَا ينبغي، وحاصله أن صنفا من الملائكة حصل لهم كمال الخشية، بحيث لَا يعتقدون أنهم ينجوا من العذاب، والذي يجب اعتقاده أن الملائكة معصومون.

قوله تعالى: {إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ (٢٨)}

<<  <  ج: ص:  >  >>