للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سُورَةُ نُوحٍ - عَلَيهِ السَّلَامُ -

[إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (١) *]

رسالة نُوحٍ - عَلَيهِ السَّلَامُ -[مقصورة*] على قومه، ومن قال بعمومها فهي للإنس فقط، وأما الرسالة [العامة*] فخاصة بنبينا صلى الله عليه وسلم، والفرق بينهما أيضا أن رسالة نُوحٍ - عَلَيهِ السَّلَامُ - أتت لجميع أهل زمانه دون من بعدهم، ونبينا صلى الله عليه وسلم لَا تزال شريعته ورسالته إلى يوم قيام الساعة، [ولابن المنير*] في أول شرح البخاري عن [**هذا الجزية آخر، وكذا لابن أبي بجرة] في أول ترجمة البخاري، وأما آدم على نبينا وعليه السلام فأرسل لذريته خاصة بعد نزوله من الجنة، وإن تأكيد الإرسال [تنبيه*] على أنه أمر معهود وعادة مستمرة، والإنذار أخص من الموعظة، وأوقع الظاهر موقع المظهر، والأصل أن أنذرهم؛ لأنه حكاية للكلام الذي خوطبوا به وليس فيه مضمر، وأدخل (مِن) لابتداء الغاية إشارة إلى تأكيد الوعظ والإنذار والمبادرة به في أول [أزمنته*] القبلية، وقال (يَأْتِيَهُم) ولم يقل: ينزل بهم، إما إشارة إلى أنه يقصدهم وينزل بسببهم، أو أنه يأتيهم من كل الجهات، ويؤخذ من الآية ثبوت التعذيب قبل البعثة إذ المعنى: من قبل أن يأتيهم عذاب، [قبل*] الإنذار. [أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ (٣) *] العبادة هي النطق، فكلمة التوحيد الإيمان بالرسول، والطاعة اتباعه في الفرائض وأحكام الشريعة، وقيل: إن العطف تأكيد.

قوله تعالى: {مِنْ ذُنُوبِكُمْ ... (٤)}

(مِنْ) يحتمل أن يكون للغاية أي للابتداء أو الانتهاء، وقول ابن عطية: هي للتبعيض، والمراد يغفر لكم من ذنوبكم وهو المهم الموبق الكبير؛ لأنهم أبهم عليهم بأنه لو غفرت الكبائر لغفرت الصغائر، فيلزم إما أن يغفر الكبائر فيغفر الصغائر من أجل ذلك، أو يغفر الجميع من أصل فلا تكون للتبعيض، وقيل: يغفر لهم ما مضى؛ لأن التوبة تجبُّ ما قبلها، ويبقى ما يأتي [ماصدق*] التبعيض، والمراد يغفر لكم.

قوله تعالى: (إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَاءَ لَا يُؤَخَّرُ).

ابن عطية: احتج بها المعتزلة في قولهم في المقتول: أن له أجلين وأنه مات قبل أجله، انتهى. تقرير حجتهم لو لم يكن أجل المقتول متعددا لما استقام نفي التأخير عنه، واللازم باطل فالملزوم مثله، بيان الملازمة أن التقدم والتأخر أمر نسبي، والأمور النسبية لَا تعقل إلا [بعد تعقل طرفيها*]، والجواب إما منع الملازمة وهو أن نقول الأصل متحد في علم الله ومتعدد في علمنا، نحن ما سمعنا دعاء [يصح*] له أجل واحد عند الله تعالى لا

<<  <  ج: ص:  >  >>