للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سُورَةُ (الْقَارِعَةُ مَا الْقَارِعَةُ)

[الْقَارِعَةُ (١) *]

أورد ابن عرفة أن المبتدأ لابد أن يكون معلوما، والخبر مجهولا، فإن [كانت*] القارعة خبرا في الجملة الثانية بطل كونه مبتدأ في الأولى، وأجيب بوجهين: إما أنه فيهما مبتدأ [وخبره*] في الثانية (ما) فهو معلوم، وإما بأن ما تعملونه من حيث كونها قارعة بمعنى أنها تقرع الأسماع ومجهولة من حيث ما يشاء من قروعها من الخير [والشر*] وتفريق أجزاء [الجسم*]، وغير ذلك، قلت: وضعف بعض الأول بأن سيبويه نص أن الاستفهام هو المبتدأ، مثل: من زيد الآتي؟، مثل: كيف زيد؟؛ لأجل أن كيف ظرف، قال: ولا يصح تضعيفه بأن يقال: إنه وخبره خبر عن الأول، وانظر لما تقدم في الواقعة.

قال أبو حيان: وقرأ عيسى بنصبهما على إضمار اذكروا القارعة، فـ (ما) زائدة للتوكيد، والقارعة توكيد لفظي للأول، ابن عرفة: الصواب أن (ما) نافية فيه، والفاعل فيه فعل، أي ما يعلم القارعة والأصل عدم الزيادة.

قوله تعالى: [(يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ ... (٤) *]

ابن عطية: [يَوْمَ*]: ظرف العامل فيه القارعة، واعترضه أبو حيان بأنه إن أراد لفظ القارعة الأول وهو في صفة الألف واللام، فيلزم الفصل بين الصلة والموصول بآخر بأجنبي وأيضا فقد قيل: القارعة علم، وعلى هذا فلا [يعمل*] في الظرف وإن أراد الثاني فلا يعطيه المعنى، وأجاب ابن عرفة: عن كون القارعة علما، فلا يعلم أن الجوامد قد تعمل في الظروف نحو: أنا ابن مارية أنا [ ... ]، وقال الزمخشري: [الظرف نصب بمضمر*] بمعني دلت عليه القارعة أي يقرع يوم، وقيل: العامل مقدر أي اذكر يوم، ويكون العامل [مقدرا*] أي اذكر، قال ابن عرفة: فعلى هذا يكون عاملا فيه عمل الفعل في المفعول به، وعلى الأولين يعمل فيه عمل الفعل في الظرف، قلت: لأن الذكر لَا يكون في ذلك اليوم، وإنما يذكر اليوم نفسه.

ونقل عن المفسر المشرقي أن (ما) في القارعة صفة للقارعة، (وَمَا أَدْرَاكَ) اعتراض، (يَوْمَ يَكُونُ) خبر القارعة الأولى، ورده ابن عرفة: بأن جملة الاستفهام غير خبرية، فلا يصح كونها صفة إلا على إضمار القول مثل: جاؤوا [بِمَذْقٍ*] هَلْ رَأَيْتَ الذِّئْبَ قَطْ؟، قال ابن عرفة: ويحتمل أن تكون الجملتان معا اعتراضا، كما قالوا في قوله تعالى: (فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ (٧٥) وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ (٧٦) إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (٧٧). إلا ابن مالك فيما أظن، ذكر أنه بجملتين دليل.

قوله تعالى: {وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ (٥)}

<<  <  ج: ص:  >  >>