للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال ابن عرفة: وهذا أصوب لأن الأول يقتضي أن لهم اختيارا وجلادة على الصبر على النّار وهذا مدح لهم بالقوة والجلادة.

والثاني يقتضي أن حبسهم فيها اضطرار ليس لهم فيه اختيار بوجه.

قيل لابن عرفة: إنّما التعجّب من أسباب صبرهم على النار؟

فقال: أسباب الصبر (محبوبة) مستلذة، لا يتعجب (منها) كما قال «حُفَّتِ الجَنَّةُ بِالمكَارِهِ وَحُفَّتِ النَّارُ بِالشَّهَوَاتِ».

قوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ الله نَزَّلَ الكتاب بالحق ... }.

قال ابن عطية: أي بالواجب أو بالأخبار الصادقة.

وضعف ابن عرفة الأول بأن فيه (إيماء لمذهب) المعتزلة القائلين بالتحسين والتقبيح عقلا وأنّ بعثة الرّسل وإنزال الكتب واجب

عقلا فليس المراد إلا إنزال الكتب مصاحبا لكلامه الحق المصدق، وإنزاله بسبب الحقّ الصدق.

قوله تعالى: {وَإِنَّ الذين اختلفوا فِي الكتاب لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ}.

هم كلهم في شق واحد بعيد عن شق الحق، ولا يؤخذ منه أن المصيب واحد لأنّ المراد المختلفين في الكتب/ من أهل البدع وكلهم على الباطل.

قوله تعالى: {لَّيْسَ البر أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ ... }.

قال ابن عطية عن ابن عباس (ومجاهد) رَضِيَ اللَّهُ عَنْهم: الخطاب للمؤمنين أي ليس البر الصلاة وحدها. وعن قتادة والربيع: (الخطاب) لليهود والنصارى.

قال ابن عرفة: هو الظاهر لقوله: {قِبَلَ المشرق والمغرب} والمراد بالمشرق حقيقته لأنّ النّصارى يستقبلون مشرق الشمس، والمراد بالمغرب الأفق لأن اليهود إنما يستقبلون بيت المقدس وهو في جهة المغرب. وفي الآية إيماء لصحة القول بأن المطلوب في القبلة الجهة لا العين. ومعنى «قِبَلَ المَشْرِقِ»: عند المشرق وهو مراد الموثقين بقولهم: قبل فلان (لفلان) كذا وكذا دينارا.

قال ابن عرفة: ومن لوازم الإيمان بالملائكة الإيمان بعصمتهم وأنهم (أجسام). وصوب المقترح في شرح الإرشاد القول بثبوت الجسمية لهم بالسمع لا بالعقل، كأنه اختار ثبوت الجوهر المفارق سمعا لا عقلا.

قوله تعالى: {واليوم الأخر ... }.

<<  <  ج: ص:  >  >>