للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {والنبيين ... }.

قال ابن عرفة: (النبي) أعمّ من الرسول، وثبوت الأعم لا يستلزم ثبوت الأخص، فما يلزم من الإيمان بالنبي الإيمان بالرسول فهلا قيل المرسلين؟

والجواب: أن ذلك باعتبار الوصف، لأن وصف النبوة أعم من وصف الرسالة. وترتب الحكم هنا عليهم من حيث ذواتهم لا من حيث أوصافهم، وعرف بالألف واللاّم الدالة على العموم فيدخل في ضمنه الأخص بلا شك فهو كقولك كل حيوان في الدار.

قيل لابن عرفة: أو يجاب بأن الإيمان باليوم الآخر والملاَئِكَة وَالكِتَابِ يستلزم الإيمان بالرسول؟

فقال: لايحتاج إلى هذا والجواب ما قلناه.

فإن قلت: لم جمع الكل وأفرد ابن السبيل؟

قلنا: لِكثرتهم باعتبار الوجود الخارجي وقلة ابن السبيل، وقرىء {لَيْسَ البِرَّ} بالنصب.

قال ابن عرفة: و «أَنْ تُوَلُّوا» اسم ليس إما لكون «أَن» وما بعدها أعرف المعارف أو لأن التولية معلومة والبر مجهول أي ليست التولية برا.

قوله تعالى: {وَفِي الرقاب ... }.

قوله تعالى: {والموفون بِعَهْدِهِمْ ... }.

قال ابن عرفة: إن قلت: هلا قيل: بعهودهم فهذا أبلغ من الوفاء، فالعهد الواحد لا يستلزم الوفاء (بالعهود) بخلاف العكس؟

فالجواب: أنه يستلزم من ناحية أنّ المكلف إذا عاهد هو وغيره ووفى غيره بالعهود وبِهِ فإنه قد حصل الوفاء بالعهد على الإطلاق بخلاف ما إذا عاهد وحده ولم يوف فإنّه لم يقع في الوجود وفاء بالعهد، فتعظم العقوبة والذم.

فإن قلت: ما فائدة قوله {إِذَا عَاهَدُواْ} ولو أسقط لكان الكلام مستقلاّ صحيحا؟

فالجواب عن ذلك: أنّه أفاد سرعة الوفاء فالعهد به (يعقب) العهد منهم فهُم بنفس أن يعاهدوا يبادرون إلى الوفاء بالعهد.

قوله تعالى: {والصابرين فِي البأسآء والضراء وَحِينَ البأس ... }.

البَأْسَاءُ هو الفقر، والضَّرّاءُ هو المرض، وحين البأس أي حين القتال وهذا ترق، لأن وقوع الفقر والحاجة (في) الناس أكثر من وقوع القتال فالصبّر على القتال أشد لغرابته، وقلة وقوعه، ودونه الصبر على المرض ودونه الصبر على الفقر، ولهذا تجد الفقراء الأصحاء أكثر عددا من المرضى، والمرضى أكثر عددا من الفرسان المقاتلين.

فإن قلت: لم قال «في البأساء» فعداه بفي ولم يقل وفي البأس وكان يقال: والصابرين حين البأساء وحين الضراء؟

فالجواب عن ذلك: أنه لما كان

<<  <  ج: ص:  >  >>