للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال ابن عرفة: أراد ما ذكر ابن عصفور في باب القسم (من) أن جواب الشرط لا يحذف إلا إذا كان فعل الشرط ماضيا، وبهذا (ردوا) على حازم في قوله تعالى {إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ العزيز الحكيم} قال: جواب الشرط مقدر، أي فإنك أنتَ الغَفُورُ الرّحِيمُ، لأنّ (العزّة) لا تناسب المحل، وكان المختار أن يوقف عند قوله «وَإِن تَغْفِرْ لَهُم» «فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ» فردوا عليه بأن جواب الشرط لا يحذف إلا إذا كان فعل الشرط ماضيا.

قال ابن عرفة: واتفقوا على أن الوصية واجبة لكنّها تختلف فقد يكون/ مندوبا إليها إذا كان القريب فقيرا وإن كان غنيا فهي للبعيد أولى.

قوله تعالى: {حَقّاً عَلَى المتقين}.

إن قلنا: إن المتقي مرادف للمؤمن، فالآية واضحة وإن قلنا إنه أخص من المؤمن كما هو مذهب المحققين من المتأخرين فتفهم الآية على أن الخطاب باعتبار ظاهر اللفظ للتكليف وفي المعنى الامتثال

لأنّ ظاهرها تخصيص وجوب ذلك (بالمتقي) فلا بد أن يُرَادِفَهُ وجوب قبول وامتثال.

فإن قلت: ما فائدة الإتيان بهذا المصدر (المؤكد)؟

وأجاب ابن عرفة: بأن قولك «أكرم زيدا» أبلغ من قولك أكرم زيد إذا جاء عمرو ولضعف الثاني بتعليقه على الشّرط، والأول مطلق فهو أقوى ولما أتي الأمر بالوصية مقيدا بالشرط وهو إن (تَرَك) خيرا ضعف فأكد بقوله {حَقّاً عَلَى المتقين}.

قال أبو حيان: «حقا» مصدر مؤكد لمضمون الجملة أي حُقّ ذلك حقا، ورُدّ بأن «على المتقين» إما متعلق به والمصدر المؤكد لا يعمل، أو صفة له فيخرج عن التأكيد لتخصصه.

قال ابن عرفة: تقرر أن معاني الحروف والأسماء الجوامد تعمل في الظروف والمجرورات. قلت كقول الشاعر:

كأنه خارج من حيث صفحته ... سعود شرف نشده عند معتاد

أنشد ابن الصائغ في باب الاشتغال ورد به على ابن عصفور وقوله:

أنا ابن ماوية (إذا جدّ النقر)

قال أبو حيان: وقيل: نعت لمصدر محذوف أي كتابا حقا أو (إيماء) وقيل منصوب ب «المتقين» وهو بعيد لتقدمه على عامله الموصول وعدم تبادره إلى الذهن.

قال ابن عرفة: العلوم النظرية كلها كذلك لأنها توصل إلى فهم المعاني الدقيقة التي لا تفهم بأول وهلة.

قيل لابن عرفة: إنمّا (يراد) أن الظاهر خلافه؟

فقال: إن أراد أن ظاهر

<<  <  ج: ص:  >  >>