للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اللّفظ ينفيه فليس كذلك وإن أراد أن ظاهر اللّفظ لا يقتضيه ولا يدل عليه فكذلك المعاني الدقيقة كلها.

أبو حيان: (والأولى) أنه مصدر من معنى «كتب» لأن معناه وجب وحق مثل قعدت جلوسا.

قال ابن عرفة: الّذي فر منه وقع فيه لأنه ألزم غيره امتناع عمل المصدر المؤكد لغيره، وكذلك يلزمه هو.

قيل لابن عرفة: هل يؤخذ من الآية عدم وجوب الوصية كما قالوا في {وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بالمعروف حَقّاً عَلَى المتقين} ويقال له: إن كنت محسنا أو متقيا (فمتّع)؟

فقال: إنه يتم لك هذا لو وقع الاتفاق على عدم وجوب المتعة.

قوله تعالى: {فَمَن بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ ... }.

ابن عرفة: إن أريد به الموصى فالمعنى: فمن لم يمتثله، لأن تبديل حكم الله تعالى غير معقول. وأن أريد به الوارث الأجنبي فالتبديل حقيقة بَاقِ على ظاهره.

قوله تعالى: {فَإِنَّمَآ إِثْمُهُ عَلَى الذين يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ الله سَمِيعٌ عَلِيمٌ}.

قال ابن عرفة: كان بعضهم يفهم فيقول فائدة الحصر أنّ الموصي للفقراء بوصية ثم منعهم منها سلطان ظالم فالأجر ثابت للموصي والإثم خاص بالظالم.

قال: (وكذلك) أخذ منه بعضهم، أنّ الموصي إذا اعترف بدين عليه وحبسه الوارث عن ربّه فقد برىء الموصي من عهدته وإثمه على المانع. ففي الآية ثلاثة أسئلة:

- الأول: لم خص الحصر بإنَّما ولم يقل: فإثمه إلا على الذين يبدلونه مع أنه أصرح؟

والجواب أنهم قالوا: إنّ «إنما» تقتضي ثبوت ما بعدها بخلاف (إلاّ) فتقتضي وجود الإثم وثبوته.

- السؤال الثاني: قال «يبدلونه» بلفظ المضارع «ومن بدله» بلفظ الماضي؟

والجواب عنه ما أجاب الزمخشري في قوله الله تعالى {وَمَن قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَئاً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ} {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ} وهو أنه لما كان القتل عمدا ممنوعا شرعا عبر عنه بلفظ الماضي والمستقبل إشعارا بكراهيته (والتنفير) عنه حتى كأنه غير واقع، وكذلك يقال هنا.

قلت: لأنه ذكر لفظ الإثم في الثاني مقرونا بأداة الحصر أتي بالفعل مستقبلا زيادة في (التنفير) عن موجب الإثم.

<<  <  ج: ص:  >  >>