للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {والله رَءُوفٌ بالعباد}.

المراد رؤوف بهم، أي بمن يشتري نفسه، أو المراد رؤوف بهم أي بشيء يشتري نفسه. والمراد رؤوف بالنّاس إذَا قلنا: إن الكافر مُنعَم عليه وذلك أنك إذا قلت: أنعم فلان على فلان. فإن أردت أنه أذهب عنه كل مؤلم فالكافر غير منعم عليه في الآخرة. وإن أردت أنه أذهب عنه مؤلما بالإطلاق فالكافر منعم عليه إذْ مَا مِنْ عذابٍ إلاّ وَفِي علم الله (ما هو) أشد منه.

قال الزمخشري: «رؤوف بالعباد» حيث كلّفهم الجهاد فعرضهم لثواب (الشهداء).

قال ابن عرفة: وهذا جار على مذهبنا لقوله «رؤوف» (فدل على) أَنّه لاَ يَجِبُ عليه مراعاة الأصلح وإنما ذلك محض (رأفة ورحمة) وتفضل.

قوله تعالى: {ياأيها الذين آمَنُواْ ادخلوا فِي السلم كَآفَّةً}.

أجاز ابن عطية أن يكون «كافة» حالا من فاعل «ادخلوا» أو من «السِّلم» كقول الله تعالى {فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ} «فتحمله» (حال) من فاعل «أتت» ومن قوله «به».

قال أبو حيان، واعترض بأنه لا يصح إلاّ إذا جعلت صاحبي الحال مبتدأين والحال خبر عنهما كقول الشاعر:

وعلقت سلمى وهي ذات موصد ... ولم يبد للآتراب من ثديها حجم

صغيرين نرعى البهم ياليت أننا ... إلى اليوم لم نكبر ولم يكبر البهم

فيصح: أنا وسلمى صغيران وقال امرؤ القيس:

خرجت بها نمشي تجر وراءنا ... على إثرنا أذيال مرط مرجل

لأنه لا يصح: أنا وهي نمشي ولا يصح أن يقال: هو وهي تحمله. فقال ابن عرفة: يصح حمله على الوجه الذي صح إتيانه حالا منهما تقول: هي تحمله وهو محمول كما (يفهم) في الحال منهما مجموعة.

قلت: وتعقب ابن القصار هذا بأنّهما كما جمعا في حال واحدة كذلك يجمعان في خبر واحد فيمتنع الجمع في تلك، ويصح هنا أي أنتم والسلم مجتمعون لكن يبطل من جهة أن المقدر خبر أو «ادخلوا في السلم» أمر والأمر لا يقدر بالخبر.

فإن قلت: المعنى أنتم والسلم مطلوبان بالاجتماع؟ (قلنا لم يخبر) عنهما بالحال بل بلازمها.

ابن القصار: ولا أعلم من شرط هذا إلا أبا حيان بل إنما اشترطوا اتحاد العلم في صاحب الحال مثل ما تقدم، وكقول عنترة العبسي في عمارة بن زياد العبسي، كان يتوعده عنترة بالقول: «متى تأتني فردين ... »

وقوله {ادخلوا فِي السلم} أي دوموا على الدخول.

قوله تعالى: {وَلاَ تَتَّبِعُواْ ... }.

<<  <  ج: ص:  >  >>