للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المكرمة فينتفي الذات، أو مثلها، فلا يكون لها مثل وهو المطلوب، وأورد بعضهم سؤالا، قال: إن قلت: هلا قيل: إن عيسى عند الله كآدم؟ فهو أخص، وأجاب: بأنه لو قيل كذلك لصدق التشبيه في الأمور العرضية فقط، ولم يتناول صفات النفس كلها، فلما جعل المماثل لعيسى كالمماثل لآدم كانت المماثلة بين عيسى وآدم في الأمور الذاتية؛ لأن قوله: مثل زيد مماثل لمثل عمرو، أبلغ من قولك: زيد كعمرو، والزمخشري، قال بعضهم للروم: لم تعبدون عيسى، فقالوا لأنه لَا أب له فقال: آدم أولى؛ لأنه لَا أبوين له فقالوا: كان يحيي الموتى، فقال: فحزقيل أولى أولا؛ لأنه أحيا ثمانية آلاف، وأحيا عيسى أربعة نفر، فقال كان يبرئ الأكمه والأبرص، قال: فجرجيس أولا؛ لأنه طبخ وأحرق ثم قام سالما.

ابن عرفة: فعجزوا عن الجواب من عبادتهم وإلا فكان يقولون أنهم عبدة للمجموع.

قوله تعالى: (ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ).

ابن عطية: قال أبو علي الفارسي: هذا القول مجاز مثل: امتلأ الحوض.

وقال ابن عرفة: هذا اعتزال؛ لأن المعتزلة ينفون كلام النفس القديم الأزلي ويردونه إلى سرعة التكوين فقط، الزمخشري: أي [أنشأه بشرا*]، كقوله تعالى: (ثُمَّ أَنْشَأنَاهُ خَلْقًا آخَرَ) أي أنشأناه من طين، ثم قال له: كن لحما، ودما، وعظما، وركب فيه الروح.

قيل لابن عرفة: قد يحتج بهذا من يقول مجرور الكلام؛ لأن الفاء للتعقيب فهو تعقيب، إن قال له: كن كان، فقال ابن عرفة: الكلام قديم وسماعه حادث، أعني إظهاره للملائكة وغيرهم.

قوله تعالى: {الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ ... (٦٠)}

قال الزمخشري: أي هو الحق.

ابن عرفة: الصواب هذا الحق، أي هذا المذكور كله الحق من ربك، وأما قوله: (هُوَ) إنما يتناول في نفس الأمر، وقاله ابن عطية: فإن قلت: هلا قيل: فلا تكن ممتريا، أو فلا تمتر فهو أبلغ، الجواب: كالجواب في قوله تعالى: (وَمَا رَبُّكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>