للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويفيد معاني الحضور من الرجال فكان أعرف، وإن جعلته نعتا فالألف واللام فيه للعهد، أو كل أمة فتكون للجنس.

قوله تعالى: {وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ ... (٦٩)}

أي وبال إضلالهم عائد عليهم، وأما نفس إضلالهم فمحال؛ لأنهم يضلون المؤمنين بالانتقال من الإيمان إلى الكفر، وهم لَا يعرفوا قط الإيمان، فمحال أن يرجع إضلالهم عليهم، أو يكون مجازا تعدية المشاكلة، مثل: (وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ) ويكون المراد أنهم بإرادتهم إضلال المؤمنين، ازدادوا إضلالا إلى كفرهم فتضاعف إثمهم.

قوله تعالى: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ (٧٠)}

قال ابن عرفة: فيها إيماء لما يقوله الأصوليون من أن وجود المقتضى للحكم، لا يكون موجبا للحكم إلا بعد انتفاء المانع عنه، لأن مشاهدتهم لآيات الله مقتضية لإيمانهم فما المانع من إيمانهم، ففي السؤال عن المانع من الإيمان إيماء لكونه شر، ولا في العمل بالمقتضى، ابن عطية: فالآية دالة على أن كفرهم عناد.

ابن عرفة: أما رؤساؤهم فكفرهم عناد، وإما عوامهم فليس كفرهم عنادا، أو كفر الجميع ليس بعناد؛ لأن الحيسوبي إذا ضرب خمسة في خمسة قد يخطئ ويقول أنها ستة وعشرون مثلا، وقد يعلم يعاين ذلك.

قوله تعالى: {لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ ... (٧١)}

ابن عرفة: يحتمل أن يكون الحق الأول غير الثاني، فالأول القرآن وصفة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، والثاني: الرسالة، ويحتمل أن يكون من وضع الظاهر موضع المضمر، فيكون الثاني، هو الأول، ونقل ابن عطية عن ابن جريج أن المعنى ويلبسون التوراة والإنجيل بالقرآن.

ابن عرفة: هذا خطأ صراح؛ لأن القرآن حق، والذي دخلت عليه الباء في الآية هو الباطل.

ابن عرفة: وعادتهم يوردون فيها سؤالا وهو أن القاعدة في استعمال الكلام على أمرين، أعم وأخص، إن نبدأ في الإثبات بالأعم ثم بالأخص، وفي النفي نبدأ بالأخص ثم الأعم؛ لأن ثبوت الأخص يستلزم ثبوت الأعم، ونفي الأعم يستلزم نفي الأخص، والذم على فعل الشر يتنزل منزلة نفيه، والكفر بآيات الله أعم من إلباس الحق

<<  <  ج: ص:  >  >>