للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ابن عرفة: قال بعضهم ولا تفرقوا تأسيس؛ لأن الأمر لَا يقتضي التكرار ولا الدوام، فيصدق بفعله وفناها والنهي يقتضي الانتهاء دائما، وإن قلت: إن الوقت يقتضي التكرار فيكون فيه دليل على أن الأمر بالشيء ليس نهيا عن ضده.

وقال ابن عرفة: وهذا في الأحكام الاعتقادية.

ابن عرفة: وفيه ترجيح لقول الغبريني القائل بأن كل مجتهد في العقليات مصيب.

ابن عرفة: وإن قلنا: إنها في الأحكام الشرعية فيكون فيها دليل على ترجيح الاتفاق على الاختلاف، وأنه مهما أمكن رد أقوال العلماء إلى الآية نسق كان الأولى.

قوله تعالى: (وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ).

قال ابن عرفة: هذا كما يقال: يصدق تبين الأشياء، وذلك أن من أكل طعاما فأمرضه، ثم صح فانتهى من ذلك الطعام، واستحضر ما ناله من الألم، وعلم أنه إن أكله يعود له مرضه، فإنه يجتنبه ويترك شهوته، وكذلك هؤلاء الأوس والخزرج كان بينهم في زمن كفرهم تباغض وقال: بغي فأنعم الله عليهم بالإسلام الرافع لذلك المثبت للمحبة وزوال البغض وتألفوا الكلمة فإذا استحضروا هذا ذكروه علموا أنه ضد الإسلام، وهو الكفر موجب لضد ذلك، وهو الشأن والبغضاء، فيكون ذلك سببا في ثبوتهم على دينهم وعدم تفرقهم.

ابن عرفة: (وَاذْكُرُوا) هو العامل في إذ عمل الفعل في المفعول، فيكون إذ بدلا من نعمة لأن اذكروا إنما يتعدى إلى مفعول، وقد أخذه.

قيل لابن عرفة: نقل بعضهم عن الشلوبين، أن إذ يكون تعليلا، وهو هنا مناسب فعلها للتعليل فقال: العلة غير المعلول، والنعمة هنا هي نفس التآلف بينهم، وذهاب العداوة.

قوله تعالى: (وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا).

قال ابن عطية: إما عائد على (شَفَا) أو على (حُفْرَةٍ) أو على (النَّارِ).

ابن عرفة: والمعنى يرجح عوده على (شَفَا)؛ لأن إلإنقاذ من الشيء يقتضي تقدم حصول فيه، وهم لم يحصلوا قط في النار، ولا في حفرها، ولكن في شفا الحفرة.

ابن عرفة: والآية تضمنت تذكريهم في الامتنان عليهم بأمرين ضروري ونظري، فالضروري (إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا) لأنه أمر واقع

<<  <  ج: ص:  >  >>