للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تنبيه على شدة غيظهم، لأن العدو يتألم بحصول، أو في شيء ملائم لعدوه، ولا ينتفي من عدوه إلا بنزول عظيم البلاء به وأشده.

قال ابن عرفة: وفي الآية حذف التقابل، قال: وذلك الأمر الملائم المعبر عنه بالحسنة سبب في الفرح، والأمر المؤلم المعبر عنه بالسيئة سبب في الحزن، فإذا مست المؤمنين حسنة جعل للمنافقين أمران ضرر في أبدانهم، وهو مشقة مشاهدتهم ذلك وسماعه وحزن في قلوبهم وإذا مست المؤمنين سيئة جعل للمنافقين بذلك تنعما في أبدانهم بشهادتهم لذلك، وسماعهم إياه، وفرح قلوبهم وابتهاج في نفوسهم، فكأنه يقول: (إِنَّ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ) ويحزنون بها، وإن تصبكم سيئة تنفعهم ويفرحون بها؛ لأن السوء يهدي للتنعيم، والحزن ضد الفرح، أي إذا تنعمتم تضرروا هم وحزنوا فإذا أصابكم سوء في ضرر تنعموا وفرحوا.

قوله تعالى: (وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا).

قال ابن عرفة: هذا من اللف والنشر للمخالفة، أي وإن تصبروا على مس السيئة وتتقوا ربكم إذا مستكم الحسنة.

قيل لابن عرفة: كل إنسان لابد له من نيل الخير والشر، فهلا عبر بـ إذا الدالة على تحقيق الوقوع، فقال: إن أعم تدل على المحقق والممكن على فرض وقوع ذلك.

قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ).

ذكر الزمخشري: قراءة الباء فقط وأنها راجعة للمنافقين ابن عرفة والقراءة بتاء الخطاب، فإما أن يراد بها: قل لهم يا محمد أن الله بما يعملون محيط، وهو إخبار عن إحاطة علم الله تعالى المؤمنين في سرهم وتقواهم.

قوله تعالى: {وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ ... (١٢١)}

قال ابن عطية: ذهب الطبري إلى أنها متصلة بما قبلها والظاهر عدمه؛ لأن تلك من منافي اليهود، وهذه ابتداء قصة المؤمنين في أمر آخر.

ابن عرفة: والظاهر الاتصال، ويكون دليلا على أن عاقبة الصبر والتقوى حميدة؛ لأن هؤلاء لو ثبتوا كما أمرهم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لما جمع المؤمنين واستشارهم، فقال عبد الله بن أبي وأكثر النَّاس: يا رسول الله، أقم بالمدينة ولا تخرج إليهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>