للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الصلاة ليست بشرط في التوبة، وإنما ذكر من حيث كونها سببا في المغفرة فهي وصف لأنها شرط.

قوله تعالى: {أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ... (١٣٦)}

قال ابن عرفة: هذا من باب الاستعارة بالمطلوب وزيادة؛ لأنهم إنما طلبوا المغفرة فاسمعوا بها، وبزيادة النعم في الجنات.

قوله تعالى: {قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ ... (١٣٧)}

قال ابن عرفة: الآية دالة على وجوب النظر والسير في الأرض إما حسي وإما معنوي بالنظر في كتب التواريخ المتعددة، بحيث يحصل للناظر فيها العلم، أو ما يقرب منه وهو أولى؛ لأن التواريخ المتقدمة يحصل بها من الكشف والاطلاع ما لا يحصل للناظر فيها العلم، أو ما يقرب منه وهو أولى؛ لأن التواريخ بالسير الحسي في الأرض لعجز الإنسان وقصوره، وماذا عسى أن يمشي من الأرض، وإذا نظر الإنسان شخصين يعرفهما أحدهما عالم عامل والآخر مسرف على نفسه ظالم لغيره متبع للضالة وقد ماتا فإنه يتحقق حرمان العاصي من النعيم، أو يظن ذلك، ويترجح عنده سلامة الطائع من العذاب، ويرجو ثوابه وتفقهه والأمور الشرعية إنما هي مبنية على غلبة الظن لا على اليقين، فهذا وجه مناسبة هذه الآية لما قبلها.

قوله تعالى: {هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ (١٣٨)}

قال ابن عرفة: وجه الترتيب أن البيان راجع للتصور، والهدى والموعظة راجعة للأول الراجحة فما وقع به التصديق فالمتكلف أولا يتصور الأشياء في ذهنه كلها ثم يهتدي إلى معرفة طريق الحق من تلك الأشياء المتصورة، وطريق الباطل فحكم بأن هذا حق، وهذا باطل وذلك تصديق، ثم بعد ذلك هو موعظة، أي مرجح لطريق الحق بالدليل والناظر فيه أولا يتصور به الأشياء، ثم يصدق فيحكم بأن هذا حق، وهذا باطل، ثم يستدل على حقيقة هذا وبطلان غيره، وترجيح اتباع الحق، ولذلك أسند البيان للناس؛ لأن التصور حاصل للجميع، والهداية والوعظ إنما حصلت للمتقين فقط.

<<  <  ج: ص:  >  >>