للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بوجه، بل هو أعلى منه، وإن تركها حين عالم بفاعلها فهو مساو لمن فعلها واستغفر الله منها وقد جاء "التائب من الذنب كمن لَا ذنب له".

قال ابن عطية: والذنب عطف على جملة ناس، وناس على جملة أخرى، وليس الذين تبعت كرر معه واو العطف؛ لأن تلك الطبقة الأولى منزه عن الوقوع في الفواحش.

قال ابن عطية: أراد أنه من عطف الموصوفات لَا من عطف الصفات.

ابن عرفة: وهذا [اعتزال*] خفي؛ ولذلك قال ابن عبد السلام: [**يحدنا منه]؛ لأنه إذا كان من عطف الصفات يكون داخلا تحت سنن المتقين، والزمخشري وأصحابه: لا يسمونه متقيا، ولذلك قال الزمخشري: أعدت للمتقين [وللتائبين*] فجعل المؤمنين ثلاث طبقات: متقين وتائبين عن الذنب، ومصرين عليه، [فسمي*] المذنب التائب متقيا.

قيل لابن عرفة: لعل ابن عطية جعلها قضية حقيقية فسلم من الاعتزال، فقال: إنما تحتمل على أنها خارجية، وأما الحقيقية فبعيدة هنا، فإن قلت: هلا قيل: إذا عملوا؛ لأن العمل يصدق على الفعل الحسي والمعنوي بدليل حديث "إنما الأعمال بالنيات" وقال الفخر: أنه استثناء فيه النية والنظر، فجعلهما داخلين تحت مسمى العمل، فالجواب: أنه من باب استلزام الأخص أمر استلزمه الأعم من باب أحرى؛ لأنه إذا كان الفعل المسمى المعقب بالاستغفار مستلزما للمغفرة فأحرى أن يستلزمها المعنوي، فإن قلت: المراد نفي الفاحشة، والنهي عن فعلها حتى يصير كأنها من باب المحال، فلم عبر بـ إذا التي تشعر بتحقيق الوقوع، ولا تدخل إلا على الممكن أن التي يصح دخولها على الممكن، والمحال نحو: (قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ) فالجواب: أنه يراد تارة ثبوث الشرط، وتارة يراد ثبوت الملازمة بينهما، فلو عبر بأن لاحتمل أن يكون ثبوت الملازمة بينهما محال؛ لأن (إِنَّ) قد تدخل على المحال فيستلزم محالات فعبر بـ إذا التي هي لا تدخل إلا على الممكن، والممكن إنما يستلزم ممكنا مثله، ولا يستلزم المحال أبدا.

<<  <  ج: ص:  >  >>