للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ورد في الحديث "ألا لأعرفن أحدكم يأتي ببعير له رغاء، وبقرة لها خوار، وشاة لها يَعَارٌ، فيقول يا محمد، فأقول لَا أملك من الله شيئا" الزمخشري: وعن بعض جفاة العرب أنه سرق نافجة مسك، فتليت عليه الآية، فقال: إذاً أحملها طيبة الريح خفيفة المحمل، قال الطيبي: هذا فيه كفر.

قال ابن عرفة: إذا كانت البقرة لها خوار والبعير له رغاء، فتكون أيضا نافجة المسك ثقيلة منتنة.

قوله تعالى: (ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ).

عام في الفعل، فيقول: الكاسب ومكسوبه من خير وشر، وهم لَا يظلمون، فلا يزاد في سيئاتهم ولا ينقص من حسناتهم.

قوله تعالى: {أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللَّهِ ... (١٦٢)}

قال أبو حيان: هذا يدلك على أن فعل الجزاء التركيب في العطف بالفاء والهمزة، أن المعطوف عليه مقدر قبل الهمزة.

قال ابن عرفة: لَا دليل فيها بل التقدير فيها استواء الطائع والعاصي، (أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللَّهِ كَمَنْ بَاءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ) وتكون الهمزة كهمزة (أَطلَعَ الْغَيْبَ)، فإن قلت: هلا قيل: (أَفَمَنِ اتبَعَ رِضْوَانَ اللَّهِ) كما قيل: (بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ) أو يقال: (بِسَخَطٍ) بالإضافة كما قيل: (رِضْوَانَ اللَّهِ) فأجيب بوجهين:

الأول: قيل لابن عرفة: أضيف الرضوان إلى الله تشريفا، وفعل السخط منه تأدبا وتعظيما لله تعالى في إضافته إليه وابعاد الشر عنه، كما قال الله تعالى: (الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ)، ثم قال: (وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ)، ولم يقل: وإذا أمرضني مع أن الكل من فعله وخلقه.

الوجه الثاني: قال ابن عرفة: إنما الجواب أن تنكير السخط للتعظيم، أي ليس من اتبع أدنى شيء من رضا الله تعالى، (كَمَنْ بَاءَ بِسَخَطٍ) عظيم من الله فأحرى من اتبع أعلى الرضا، قيل له: ينتفي (مَنْ بَاءَ) بأدنى السخط فقال: الآية إنما خرجت مخرج التنفير والوعظ، فالمناسب التقليل في جانب الرضا، بمعنى أن قليلة لَا يقارب عظيم

<<  <  ج: ص:  >  >>