للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: (يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ).

عداه بـ في دون الباء للمبالغة في دخولهم في الكفر، فهو مثل (لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ)؛ لأنهم إذا لم يحزنهم الفزع الأكبر فأحرى ما دونه وكذلك هنا.

قوله تعالى: (يُرِيدُ اللَّهُ أَلَّا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الْآخِرَةِ).

إشارة لحرمانهم من دخول الجنة ولا يلزم منه تعذيبهم، فقوله تعالى: (وَلَهُم عَذَاب أَلِيم) تأسيس.

قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا ... (١٧٧)}

جعلهم باعوا الإيمان ولم يكن تحصل لهم بوجه إما لظهور دلائله ووضوحه فهو حاصل لهم، وإما لحديث: كل مولود يولد على الفطرة"، أو لأن من حضر في شيء ... فكأنهم اختاروا الإيمان وانتقلوا عنه بعد الكفر، وقال في الأولى: (وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) لأن كفرهم أشد لقوله تعالى: (وَلَا يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ) وهم سارعوا إليه قبل غيرهم وهؤلاء كفروا بعد نور أو تأمل فناسب أن الأولين لهم عذاب عظيم، وهؤلاء دون ذلك؛ لأن العظيم أعظم من الأليم.

قوله تعالى: {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ ... (١٧٨)}

قال أبو حيان: على قراءة الخطاب يكون (الَّذِينَ) مفعول، وإنما يدل مثلها في قول بعضهم لبعض، فرده ابن عرفة: بأن بعضهم بدل وفرق مفعول بأن، وهنا ليس ثم ما يكون مفعولا، وأعربه الطيبي إنما بمعنى بدل لهم وبدل من الذين وجد أن سدَّها مسد المفعولين، قيل: قال ابن عطية: قرئ على أبي الفارسي: (وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا) بفتح (أَنَّمَا) لَا تكون مفعولا ثانيا، والمفعول الثاني في هذا الباب هو الأول في المعنى وليس هم نفس الإملاء.

ابن عرفة: إلا أن يجعله مثل (وَلَكِنَّ البِرَّ مَنْ آمَنَ) أي ذوي البر منها، أو البر من آمن، وأنشد سيبويه:

وكيف بحال من أصبحت ... حالته كأبي مرحب

أي كحالة أبي مرحب، فالمعنى هنا (وَلَا يَحسَبَن الَّذِينَ كَفَرُوا) قال بعض الطلبة: إنما ذلك حيث يكون جملة الخبرية من ضمير يعود على المبتدأ أما إذا كان فيه

<<  <  ج: ص:  >  >>