للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القريب أرجح، ابن عطية: وقال ابن عباس نزلت الآية في بخل أهل الكتاب ببيان ما علمهم الله من أمر محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

قال ابن عرفة: الصادر من أهل الكتاب الجحد والإنكار للدلائل الواردة في كتابهم، وهو أشد من الكفر وإنَّمَا كانوا يوصفون بالبخل أن لو سكتوا على ذلك فقط بل تكلموا بنقيضه، قال: وهو على حذف مضاف أي ولا تحسبن بخل الذين يبخلون.

ابن عرفة: أو بقدره في الثاني: أي (وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ) هو ذا خير لهم لكن يبعد هذا لأجل الفضل والإضراب بل إن كان متعن الحسبان فهو إضراب إبطال، وإن كان عن نفس الحسبان هو إضراب انتقال.

قوله تعالى: (وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ).

عطف الأرض المستوية أي كما يعتقدون أن السماوات ليست ملكا لهم وإنما هي لله تعالى فكذلك الأرض، ومثله قوله تعالى: (يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ) أي كما علمتم أنه يعلم جهركم، فلذلك علمه لسركم مساو علمه لجهركم، والمراد ميراث ما فيها؛ لأنه لم يدع أحد ملك ذواتها، والميراث يقتضي إما ملكا مسبوقا بعدم أو مخلوقا بعده، فالأول: ملك الوارث، والثاني: ملك الموروث عنه؛ لأنه مخلوق بعدم.

قوله تعالى: (وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ).

وعد ووعيد.

قوله تعالى: {لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ ... (١٨١)}

قال ابن عرفة: الآية دالة على إثبات صفة السمع لله تعالى ومذهبنا أنهما مغايرة لصفة العلم، والمعتزلة يقولون: إنهما شيء واحد، قيل له: القرآن معجزة والمعجزة ينزل قول الملك صدق عبدي، وهذا مسموع فتجيء به إثبات السمع بالسمع، فقال: إنما المعجزة محصلة للعلم بمدلول صدق عبدي؛ لأنها بمنزلة سماع لفظ صدق عبدي.

قال الزمخشري فإن قلت: عبر عن السماع بالماضي، وعن الكتاب بالمستقبل ثم أجاب: بأن السامع إذا كان على وثوق من نفسه أنه لَا يتسنى ما سمع، فإنه يتراخى في كتبه ولا يكتبه إلا بعد مدة طويلة، وأجاب ابن عرفة: بأن المراد بالكتاب الجزاء أي سيجازيهم على قولهم ذلك، والجزاء مستقبل لَا ماض.

<<  <  ج: ص:  >  >>