للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والجواب بأنّ الحالتين لا واسطة بينهما: فإما ظلام شديد وإما ضوء شديد وهذا أبلغ في التخويف، وهو معاقبة ظلام شديد (بضوء شديد) سريع الذهاب يعقبه أيضا ظلام شديد.

فإن قلت: ما أفاد قوله فيه مع أن المعنى يهدي إليه؟

قلنا: أفاد أنهم لا يمشون إلا في موضع الضوء خاصة، ولا يستطيعون المشي في غيره.

فإن قلت: ما أفاد قوله «عَلَيْهمْ»؟

قلنا: التنبيه على أنّ تلك الظّلمات عقوبة فهي ظلمة عليهم ولأجلهم فليست على غيرهم بوجه.

قوله تعالى: {وَلَوْ شَآءَ الله لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ ... }

فإن قلت: هلا علقت المشيئة بما (تحذروا) منه، وهو الموت لأنهم لم يتحذروا من الصمم والعمى؟

والجواب: أن الموت أمر غالب عام متكرر في العادة ليس لأحد مقدرة عن التحرز منه (وأما ذهاب السمع والبصر فهو نادر ليس بعام يمكن المخالفة فيه وادّعاء الحذر منه) (بالتحرز) والتحصن بأسباب النجاة فلذلك أسندت (المشيئات) إليه.

قلت: (أو) لأنهم لم يتحرّزوا من الموت ألاّ بسدّ سمعهم فلذلك أسند الذهاب إليه.

قال الطيبي: والآية حجّة لمن يقول: إن القدرة (تتعلق) بالعدم الإضافي لأن المعنى: لو شاء الله أن يعدم سمعهم لعدمه.

وردّه ابن عرفة: بأن القدرة إنما تعلقت بإيجاد نقيض السمع والبصر في المحل، فانعدم السمع والبصر إذ ذاك لوجود نقيضهما لا لكون القدرة تعلقت بإعدامهما.

قال الطيبي: في مناسبة هذه الآية إنّه لما تقدم أن الرعد سبب/ لإذهاب سمعهم والبرق سبب لإذهاب سمعهم والبرق سبب لإذهاب بصرهم نبّه بهذا على أنّه ليس بسبب عقلي فيلزم ولا ينفك بل هو سبب عادي بخلق الله تعالى ولم يقع ولو شاء أن يقع لوقع.

قوله تعالى: {إِنَّ الله على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}

قال ابن التلمساني: لا خلاف لأن المعدوم باعتبار التقرر في الأزل لا يصدق عليه شيء واختلفوا في الإطلاق اللّفظي (فذهب المعتزلة إلى أنه يطلق عليه شيء) ومنعه أهل السنة.

قلت: وقال الآمدي في أبكار الأفكار: هما مسألتان:

- أحدهما: هل يطلق على المعدوم شيء أم لا ولا (ينبني عليها) كفر ولا إيمان؟

<<  <  ج: ص:  >  >>