للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

العربي: فظاهر الآية منع بيع الخيار؛ لأن التراضي في التجارة إنما يحصل بعد التروي والنظر عن غير عين.

قوله تعالى: (وَلَا تَقتُلُوا أَنفُسَكُم).

قيل لابن عرفة: فمن يقتل نفسه في حد من حدود الله كما أراد بقتل نفسه فقال: هو مأمور؛ لأنه مأمور بستر نفسه وبالتوبة، وقد قال مالك في المدونة فيمن قتل أخاه، وأتى رجل فقتل القاتل قال: أنه يقتل به [لافتئاته*] على الإمام فكذلك إذا قتل القاتل نفسه عليه إثمان، إثم المقتول، وإثم نفسه، ونقل له عن عز الدين غير هذا فاذكره.

قوله تعالى: {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا ... (٣٠)}

قال: العدوان إما القصد وإما العمد، فيكون عطف (وَظُلْمًا) تأسيس، وإما أن يقول: العدوان تعدي الحدود، والظلم وضع الشيء في غير محله، فيكون العطف تأكيدًا.

قوله تعالى: {إِنَّ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ ... (٣١)}

قال ابن عرفة: لما تضمن الكلام السابق حكم التكاليف وكان العبد في مظنة عدم الوفاء لمشقتها، فقد تعرض القنوط عقب ذلك ببيان غفرانه تعالى عن كل شيء من ذلك، قال ابن عرفة: والكبائر عرفها الشيخ عز الدين بأنها كلها كوعد الشارع عليها بعقاب بنص في الكتاب والسنة، قال: فإن سألني عمن لَا نص فيه فنقيسه بأدنى الذنوب المتوعد عليها، فإن ساواه في المفسدة جعلناه بالكبائر، وإن قصر عنه حكمنا بأنه صغيرة، ابن عرفة: وفائدة الاجتناب يؤذن بأن التارك للمعصية يعطيه أو لعدم قدرته عليها، إما لذاته أو لمانع من إكراه ونحوه أن ذلك لَا يوجب تكفير الصغيرة لا اجتناب الكبائر خوفا من الله تعالى وامتثالا لنهيه لحديث: "إنما تركتها من أجلي" ولولا ذلك لقال: إن تتركوا كبائر، قال ابن عرفة: وعادتهم يعارضون الآية كما روي في الصحيح عنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: "من صلى صلاة أحسن وضوءها وركوعها وخشوعها فإنها تكفر صغائره ما اجتنبت الكبائر"، ووجه المعارضة، أن يقال: إذا كانت هذه الصلاة بهذه الصفة مكفرة للصغائر لم يبق ما يكفر باجتناب الكبائر، قال: وكانوا يجيبون: بأن التكفير مقبول بالتشكيك ويضربون لذلك مثلا برجلين اجتمعوا على قتل رجل ورفعا إلى ولي الأمر الذي عفى عن أحدهما بأول وهلة، وبقي مدة طويلة ثم عفى عن الآخر فقد حصل العفو عنهما معا، لكن لَا على التساوي في الزمان بل على التفاوت ولذلك هذا يكفر الصلاة الموصوفة بهذه الصفة

<<  <  ج: ص:  >  >>