للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ ... (١٢٠)}

ابن عرفة: أي يقول لهم تمنوا علي، فإن تمنوا عليه شيئا يعدهم به، فالوعد هو تطميعهم لهم بأمر فلا يردوا طلبوه أم لَا؟ وهو أعم من قوله (يُمَنِّيهِمْ)؛ لأن الثاني أمر ملائم منفي.

قوله تعالى: (وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا) ولم يقل وما يعدهم ويمنيهم؛ لأن نفي الأعم يستلزم نفي الأخص.

قوله تعالى: {أُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ ... (١٢١)} .. قال ابن عرفة: (مَأوَاهُم) مبتدأ و (جَهَنَّمُ) خبره؛ لأن المأوى منحصر في جهنم، أي لَا مأوى لهم إلا جهنم، فإن قلت: ما أفاد قوله (وَلَا يَجِدُونَ عَنْهَا مَحِيصًا) قلنا: فائدته أنه قد يتوهم أن يكون لهم في أثناء الإقامة فيها فتور عن العذاب وزمانه وأنهم يموتون فيها فيستريحون منه فنفي هذا التوهم بقوله (مَحِيصًا) فإن قلت: هلا قال: ولا محيص لهم عنها فهو أبلغ من نفي الوجدان، لأن نفي الشيء بالإطلاق أبلغ من نفي وجدانه، قلنا: إنما نفي الوجدان ليفيد أنهم يعذبون عذابا حسيا وعذابا معنويا بطلبهم المحيص وإشغالهم بذلك، ثم حرمانهم منه بعد تشوقهم إليه.

قوله تعالى: {وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا ... (١٢٢)} .. أبو حيان: الأول مصدر مؤكد لنفسه، وهو الذي يفهم معناها قبله.

قال ابن عرفة: مثل له على ألف درهم عرفا؛ لأنه مفهوم من قوله على، والثاني: مؤكد لغيره أي حق ذلك حقا.

قوله تعالى: (وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا) ابن عرفة: تقدم لنا في هذا التركيب أنه يقتضي نفي الأصدق ولا يقتضي نفي المساوي، وتقدم الجواب، قال: والقول أعم من الكلام، ونفي الأعم يستلزم نفي الأخص، قال أبو جعفر بن الزبير، وقال هنا: (وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا) وقال قبله (وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا) فإنه لما تقدم هنا وعد المؤمنين بالنعيم المقيم والثواب الجزيل عقبه بقوله (وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا) لم يكرر لفظ الوعد هروبا من الثقل، وأتى بما يناسب في اللفظ والمعنى وألحقه؛ لأن قيل: صدر ساكن الوسط كمال الوعد والحق كذلك، ولما تقدم قال: (اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُم إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ) وهذا اختبار وحديث عن البعث، قال (وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا).

قوله تعالى: {وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ... (١٢٦)}

<<  <  ج: ص:  >  >>