للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ ... (١٣٥)}

وقال في سورة العقود (قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ) فراعى هنا لفظ (قَوَّامِينَ) فناسب اقترانه لقوله (بِالْقِسْطِ) وراعى هناك اسم الجلالة فقدمه لشرعه، وأجاب الزبير بأن آية النساء قبلها الأمر بالعدل، قال تعالى (وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ) فناسب تقديمه، وآية المائدة قبلها الأمر بالطهارة، ثم تذكير العبد بنعم الله عليه، ثم أمره بتقواه فناسب تقديم اسم الله.

قوله تعالى: (إِنَّ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا).

ابن عرفة: الظاهر أن الجواب محذوف، أي فهو مصدق أوامره إلى الله والله أولى به، فلا يقولوا هذا أغنى فلا يشهد، وهذا فقير فلا نشهد عليه بل أقيموا الشهادة لله بالقسط والعدل ولا تظلموا أحد.

قوله تعالى: (فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا).

قال أبو حيان: إما أن المعنى كراهية أن تعدلوا بين النساء فلا تطيعوا أنفسكم وأهواءكم كراهية العدل بين النساء، أو فلا تطيعوا أنفسكم إرادة أن لَا تعدلوا.

ابن عرفة: فما قالوا هم في عين التعليل، وما قاله أبو حيان تعليل النهي.

قال ابن عطية: احتج للحاكم أن يرشد الضعيف بما ينفعه ويشد عضده.

قال ابن عرفة: حكى لنا القاضي ابن عبد السلام عن القاضي أبي عبد الله محمد ابن الخباز، أنه تحاكم عنده رجلان طويل وقصير، فظهر من القصير نباهة وحذق، ومن الطويل فتور ومكنة، فقال له القاضي أبو عبد الله محمد بن علي بن إبراهيم المعروف بابن الخباز: ما اسمك؟ فقال له الطويل: اسمي فارس، فقال له: يا فارس ما لك يغلبك هذا الفويرس.

قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ... (١٣٦)}

قال ابن عرفة: إما أن يريد بالأمر الثاني: الإيمان العقلية والشرعية، والظاهر أن يواد لوازمه الشرعية كالصلاة والزكاة والحج؛ لأنه لَا يلزم من الأمر الأول الأمر بها، فإن قلت: هلا قيل: ورسله بلفظ الجمع أخص وأعم فائدة؟ [أجيب بجوابين*] إما بأن الرسل لما كانت [مقاصدهم*] واحدة، فكلهم يدعون [إلى*] الإيمان بالله وتوحيده وما يجب له وما يستحيل عليه كانوا كالرسول الواحد، وإما بأن الرسول أعم من الرسل؛ كما قال

<<  <  ج: ص:  >  >>