للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قيل لابن عرفة: قال هنا (سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ) فعبر بسوف وهي أبلغ في التنفيس من السين، وقال حد هذا (لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ)، ثم قال (أُولَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا) فعبر بالسين، فأجيب بأن هذه فيمن حمل مطلق الإيمان بالله ورسوله أعم من أن يكون أطاع في الفروع أو عصى فناسب الإتيان بسوف المقتضي لكمال تراخي أجورهم، وهذا إشارة لمذهب أهل السنة القائلين بوجود إنفاذ الوعيد في طائفة من عصاة من المؤمنين وأنهم يعذبون قبل ذلك، والآية الأخرى فيمن حصل الإيمان وفروعه فناسب أنها خبر لما يقول على قرب الثواب الذي ينالهم في المستقبل.

قوله تعالى: {يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ ... (١٥٣)}

قال الزمخشري: روي أن كعب بن الأشرف [وفنحاص بن عازوراء*]، قالوا: يا رسول الله إن كنت صادقا فأتنا بكتاب من السماء جملة كما أتى به موسى فنزلت الآية، وقرأ ابن عامر وابن كثير (تُنْزِلَ) بالسكون، والباقون (تُنَزِّلَ).

قال ابن عرفة: وقراءة التخفيف لَا تناسب السبب على ما تقدم للزمخشري في أنزل [ونزَّل*].

ابن عرفة: وتضمنت الآية أمرين:

أحدهما: الإخبار بنعت اليهود.

والثاني: كمال التسلية للنبي - صلى الله عليه وسلم - بقصهّ موسى معهم.

قال ابن عطية: ولقد [حدثني أبي رضي الله عنه عن أبي عبد الله النحوي أنه كان يقول عند تدريس هذه المسألة: مثال العلم بالله حلق لحا المعتزلة*].

قال ابن عرفة: هذه خطابة وحاصله أن العلم بالله سبب في التشبيه، فكما أن علم الله حاصل مع اعتقاد نفي التشبيه والمماثل فكذلك الرؤية لَا يلزم منها التشبيه، وحاصله أنه دليل لَا يستقل نفسه بل باستحضار قواعد دقيقة وهو أن الرؤية لَا تستدعي الجهة والمكان خلافا للمعتزلة.

قال ابن عرفة: وقوله (فقالوا) ليس بمعطوف على (سألُوا)؛ لأنه بيان له والأصل في الجملة المبنية أن يؤتى بها غير معطوفة فهو معطوف على فعل مقدر تقديره أخبروا، فقالوا: أرنا الله جهرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>