للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال ابن عطية، والزمخشري: وأخذوا منه أن الملائكة أفضل من سائر الأنبياء ومن عيسى.

قال الزمخشري: لأن علم البيان يقتضي أنك إذا قلت: لن يفعل هذا زيد ولا عمرو أن يكون عمرو أفضل من زيد.

قال ابن عرفة: وعادتهم يرددون عليه بأنه يلزم عليه أن يكون العطف تأكيدا مع التأسيس أولا؛ لأن نفي الصفة المرجوحة لَا يستلزم نفيها عن الفاصل بخلاف العكس، يقول: لَا يشرب الخمر صالح ولا طالح، قال ابن المنير: وهذا باعتبار الثواب في الدار الآخرة فقد تكون الملائكة في الدار الآخرة كما ورد أن إبراهيم ألقي في النار فلم يحترق، وروي أن جبريل حمل على جناحيه قوم لوط، فقال ابن عرفة، إنما التفضيل بينهم مطلقا في الدنيا والآخرة.

قوله تعالى: (وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ).

قال الذى يظهر أن الاستنكاف أخص من الاستكبار: فلا يلزم من حشر المستنكفين عن العبادة وتعذيبهم تعذيب المستكبرين، فلذلك كان العطف تأسيسا.

قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ ... (١٧٤)}

ابن عطية: البرهان هو الحجة البينة الواضحة التي تعطي اليقين التام.

ابن عرفة: الدليل يطلق على الحجة المقيدة القطع، وعلى المقيدة الظن والبرهان الاصطلاح إنما هو الحجة القطعية المقيدة لليقين، وقد يطلق البرهان في اللغة على الدليل الأعم من إفادة القطع والظن والبرهان إنما يخاطب به الخواص الدليل خاطب به العوام وعليه قول الشاعر:

[أقلد وجدي فليبرهن مقلدي ... فما أضيع البرهان عند المقلد*]

وكان يمشي لنا أن الصواب غير ما قال ابن عطية: وهو أن يراد هنا بالبرهان الدليل الأعم من إعادة الظن أو للقطع لقوله (يَا أَيُّهَا النَّاسُ) هي خطاب للجميع فيتناول الخواص والعوام.

ابن عرفة: هذا إن أريد بالبرهان القرآن، ويكون عطف النور عليه من باب عطف الصفات، فهو برهان ونور مبين.

<<  <  ج: ص:  >  >>