للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ ... (٢٤)}

قال ابن عرفة: تقدمنا فيها سؤال، وهو أنهم كذبوا لأنفسهم لَا عليها لكونهم قصدوا به منفعة أنفسهم لَا مضرتها، قال: والجواب أن الكذب هو الإخبار بالشيء على خلاف ما هو به فهم أخبروا عن أنفسهم بغير ما اتصفوا به فهم كاذبون عليها، فإن قلت: هلا قيل: كذبوا وضل عنهم، وما أفاد زيادة قوله (أَنْفُسِهِم)، قلنا: فائدة التشنيع عليهم في أنفسهم؛ لأنهم كذبوا عمدا عدوانا؛ لأن الكذب على الأجنبي يوهم فيه النسيان والخطأ، وهؤلاء كذبوا على من هم عاملون حقيقة.

ابن عطية: وقال كذبوا في أمر لم يقع إذ هو حكاية عن يوم القيامة، فوضع الماضي موضع المستقبل تحقيقا لوقوع الفعل، وإن كان في الدنيا فظاهر.

ابن عطية: وأضاف الشرك إليهم؛ لأنه لَا شركة في الحقيقة بين الأصنام وبين شيء.

قال ابن عرفة: وكان بعضهم يقول: إذا بنينا على الخلاف المذكور في الأصول في التقييد، بالحكم المشتمل على وصف مناسب إما أن يراعى فيه ذات الشيء، أو الوصف المناسب فإن روعي هنا ذات الشيء فهو سؤال عن الشركاء حقيقة وهم موجودون، وإن روعي هنا الوصف فليس ثم شركه ولا شركاء بوجه.

قوله تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا حَتَّى إِذَا جَاءُوكَ يُجَادِلُونَكَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (٢٥)}

قال الزمخشري: سبب نزولها أن أبا سفيان والوليد، والنضر، وعقبة، وشيبة، وأبا جهل استمعوا قراءة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فقالوا للنضر: يا أبا [قتيلة *] ما يقول محمد؟ قال: والذي جعلها [بيته*] يعني مكة ما أرى ما يقول محمد إلا أنه يحرك لسانه ويقول أساطير الأولين، فقال أبو سفيان: إني لا أراه إلا حقا، فقال أبو جهل: كلا فنزلت الآية، قال ابن عرفة: قول أبي سفيان إني لَا أراه إلا حقا محتمل أن يكون تصديقا كقول النضر، وهو الظاهر، أو لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهو الظاهر لقول أبي جهل كلا، ابن عرفة: والآية إما حكاية حال ماضية للتصوير مثل (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً)، أو حال حقيقة؛ لأن ذلك وقع ولم يزل مشاهدا.

قوله تعالى: (وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً).

قرره الزمخشري على مذهبه.

<<  <  ج: ص:  >  >>