للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أي: أنزلنا القرآن عليكم لئلا تقولوا: أنزلنا الكتاب على موسى ولم ينزل علينا ولا قرأه علينا أحد من الطائفة المنزل عليهم بحيث نسمعه، والكتاب هنا واحد بالنوع فيتناول هنا اليهود والنصارى.

قوله تعالى: {فَقَدْ جَاءَكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ ... (١٥٧)}

القرآن بينة لكونه بإعجازه شاهدا على صدق الرسول فالرسول مدع له على دعواه، بينة وهدى؛ لأنه مرشد إلى الطريق الحق، ورحمة إشارة إلى أن بعثه الرسل وإنزال الكتاب محض تفضل من الله تعالى أن لَا يجب عليه شيء.

قيل لابن عرفة: أو يريد البينة دليل التوحيد، وبالهدى الأحكام، وبالرحمة المواعظ والمذكرات على الثلاثة.

قوله تعالى: (سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آيَاتِنَا سُوءَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يَصْدِفُونَ).

قال ابن عرفة: تقدمنا فيها سؤال أن التكذيب بالآية أعم من الصدف عنها؛ لأن المكذب بالآية قد يصدف وقد لَا يصدف، والمصدف هنا مكذب بها لَا محالة، وترتيب الجزاء على الأعم يستلزم ترتيبه على الأخص من باب أحرى، فهلا قيل: سنجزي الذين يكذبون بآياتنا سوء العذاب؟، قال: وعادتهم يجيبون بأن الصدق أعم وبيانه بامتثال إذا سألت عن القراءة على زيد، فتقول: إنه لَا يدري شيئا بوجه، فهذا التكذيب يستلزم الصدق بلا شك، وتارة تقول للسائل بالإجابة لك بالقراءة عليه: اترك ذلك واشتغل بما هو أهم عليك فأنت صدقته ولم تكذب بعلمه، ويحتمل أن يكون معتقدا علمه وكرهت قراءته عليه، ويحتمل أن يكون معتقدا أنه جاهل فظهر أن الصدق أعم من التكذيب.

قيل لابن عرفة: بأن ذلك لو رتب على الأخص مطلق الجزاء فلا يرد السؤال إلا لو قيل: (سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آيَاتِنَا) وهنا إنما رتب على الأخص من العذاب، فقال: بل الأخص هو أخذ سوء العذاب لَا العذاب.

قوله تعالى: {يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا ... (١٥٨)}

قرئ لَا تنفع.

قال ابن عطية: وأنث الفعل؛ لأن فاعله مضاف إلى ضمير النفس وهي مؤنثة، ورده أبو حيان بأن ذلك إذا كان المضاف جزءا من المضاف إليه، كقولهم: ذهبت بعض أصابعه، قال: وإنما وجهه عندي أنه على تقدير لَا تنفع نفسا ثبوت إيمانها

<<  <  ج: ص:  >  >>