للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: (مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ).

قال الزمخشري: هذه جملة مستأنفة.

قال الطيبي: أراد أن هذا ابتداء كلام وليس المراد حقيقة الاستئناف.

ابن عرفة: لأن الاستئناف عند البيانيين هو الواقع جوابا لسؤال مقدر ويبعد أن يكون حالا؛ لأنه تعبير للكلام جملة واحدة، وجعله جملة أبلغ في التأكيد والإطناب.

قوله تعالى: (مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ).

قال الزمخشري: من الأولى زائدة لتأكيد النفي، والثانية للتبيين.

قال الطيبي: والثاني بدل من الأول، ورده ابن عرفة. بأن (مِنْ أَحَدٍ) فاعل لـ سبقكم و (مِنَ الْعَالَمِينَ) لَا يصح أن يكون فاعلا؛ لأنه لتبيين نكرة، ولا يكون الاسم الواقع بعد النفي في موضع الفاعل إلا إذا كان نكرة قد دخلت عليه من نحو ما جاء من رجل، أو من أحد.

قال بعض الطلبة: ما قاله أيضا باطل من جهة أن المعنى ما سبقكم بها بعض العالمين؛ فدل بالمفهوم أن فريقا آخر من العالمين سبقهم بها إلا أن يجعل البعض عاما.

وأجاب ابن عرفة بأن المنطقيين، قالوا: إن السالبة الجزئية لها ثلاثة صور: ليس بعض، وبعض ليس، وليس كل، وفرقوا بين بعض ليس وليس بعض. بأن ليس بعض على نوعين: فنقول: ليس بعض إلا ليس عالما؛ فيكون خصوصا حقيقة، وتقول: ليس بعض [الأشياء*] بحجم فيكون خصوصية عاما؛ فانظر هل هذا مما خصوصه عموما أم لَا؟ والظاهر أن خصوصه باق على حقيقته فيلزم المفهوم فلا يصح ما قاله الطيبي.

قوله تعالى: {لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً ... (٨١)}

الزمخشري: مفعول من أجله أو حال.

ابن عرفة: هو عندي بعد الفريضة فيجري فيه الأوجه الثلاثة، إما مصدر للأول، أو نعت لمصدر من لفظ الأول، أو مصدر لفعل مقدر من لفظه بعد الفرق بين كونه مفعولا من أجله وكونه حالا، فالفرق بين كل شيء علة كاملة، وبين كونه صفة الفاعل، كما يفرق بين الصاحب الغريب وبين من يمتثل أمرك، تقول: فلان يضجر السفهاء، وفلان يمتثل أمر السفهاء؛ فالذم بهذا الثاني أشد؛ فجعله مفعولا من أجله أبلغ من الذم، معناه أنتم ممتثلون أمر شهوتكم وطابعون عليها.

<<  <  ج: ص:  >  >>