للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الثاني: أن ما لزمك فقد لزمته فلما كان من الحق حقيقا عليه كان هو حقيقا على قول الحق لازما له.

ورده ابن عرفة بالواجب [المخير*]؛ إذ لو كان كذلك لما وجد في الدنيا واجب [مخير*] أصلا.

قوله تعالى: (فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرَائِيلَ).

ولم يقل: فابعث معي؛ لأن أرسل قد وجد منه رسول ومرسل ولم يشتق من بعث شيء.

قوله تعالى: {إِنْ كُنْتَ جِئْتَ بِآيَةٍ فَأْتِ بِهَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (١٠٦)}

دليل على خبثه؛ حيث أتى بـ إن المقتضية للشك وصيرورة ما دخل عليه في خبر المحال بخلاف إذا لأن وقوعه عنده غير محقق، وتنكير آية للتعليل أو للعموم، فإن قلت: لم قال: (إِنْ كُنْتَ)، ولم يقل: إن جئت؟ قلت: هذا أبلغ في النفي؛ لأنه أعم، وقد تقرر أن قولك: ليس هذا بحيوان، أبلغ من قولك: ليس هذا بإنسان، فإن قلت: لم قال: (مِنَ الصَّادِقِينَ) مع أنه أخص من قوله: إن كنت صادقا؟ قلت: الجواب كالجواب في قوله تعالى: (وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ) أو عام، أما إذا علقنا (إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ)، بقوله: (فَأْتِ) كان فيه ما يدل على أن الصدق يكون في الأقوال والأفعال، إلا أن يكون قوله: (إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ) أي: في دعوى الرسالة في يجيئك بالآية، والظاهر أن موسى عليه الصلاة السلام أتى بالمطلوب وزيادة؛ لأنه إنما طلب منه آية واحدة وفيه أن الشيء يستدل عليه بدليلين.

قوله تعالى: {فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ (١٠٧)}

تقدم لابن عرفة فيها ما نصه: أي ظاهر قاله الزمخشري.

وقال الفخر: إنه إشارة إلى مذهب أهل السنة. لأنهم يقولون: إن الأجسام متساوية في الحقيقة فلا فرق بين الحمار والإنسان؛ لأن كلا منهما جسم متحيز عندهم، فيجوز عندهم أن يرد الله تعالى الحمار إنسانا أو ثعبانا حقيقة.

وقال المعتزلة والحكماء: إن الأجسام متباينة، ونسبة أحدهما إلى الآخر كنسبة الجوهر إلى العرض؛ إذ لَا يصح عندهم صيرورة الجوهر عرضا ولا العكس، قالوا: فكذلك الأجسام؛ فلا يجوز عندهم أن تصير العصا ثعبانا، وأيضا فهي تخييلات، فقوله: (مُبِين). إن التشكيك على قسمين: تشكيك في الأمور الضرورية، وتشكيك في النظريات فإنه تشكيك في الأمور البديهة لَا يصح لأنه إبطال لما علم ثبوته

<<  <  ج: ص:  >  >>